ثم قال أبو البقاء: وقوله: (فإنْ كان المسلمون بعد يغيرون)، (إنْ) هنا مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف أي: إنه كان.
وقوله: (فقالتْ يومًا لقومها ما أدري إنّ هؤلاءِ يدَعونكم عمدًا) الجيد أن يكون (إنّ هؤلاء) بالكسر على الاستئناف، ولا يفتح على إعمال (أدري) فيه، والمعنى: أن المسلمين قد تركوا الإغارة رعاية لكم. ويكون المفعول ما أدري محذوفًا، أي: ما أدري لماذا تمتنعون من الإسلام، أو نحو ذلك.
وقوله: (فكان آخرَ ذلك أنْ أعطى)، (آخر) بالنصب أقوى على أنه خبر "كان" مقدم، و (أنْ أعطى) في موضع رفع اسم كان لأنّ (أنْ) والفعل أعرف من الاسم المفرد، ويجوز رفع (آخر) ونصب (أن أعطى) لأن كليهما معرفة. وقد جاء القرآن بهما، نحو قوله تعالى: (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا) [النمل: 56]، بالرفع والنصب، انتهى كلام أبي البقاء.
وقوله: (فقلنا لها: أين الماءُ؟ قالت: أيهات أيهات).
قال النووي: هكذا هو في الأصول، وهو بمعنى: هيهات هيهات. ومعناه البعد من المطلوب، واليأس منه، كما قالت بعده: لا ماء لكم، (أي: ليس لكم ماء) حاضر ولا قريب، وفي هذه اللفظة بضع عشرة لغة.
وقال القرطبي: كذا روي هنا بالهمز في أولها، وبالتاء في آخرها، وروي "أيهاه"