في الكلام الفصيح نثره ونظمه، فمن ثبوته في النثر، قوله في حديث عقبة (لا يقرونا)، وقول ابن عباس ومن معه في الركعتين بعد العصر (بلغنا أنكِ تُصَلّيهما) وقول مسروق لعائشة: "تأذني له"، يعني حسان. والأصل لا يقروننا، وتصلينهما، وتأذنين له، وسبب هذا الحذف كراهية تفضيل النائب على المنوب عنه، وذلك أن النون نائب عن الضمة، والضمة قد حذفت لمجرد التخفيف. كقراءة أبي عمرو بتسكين: (ما يُشْعِرْكم) [الأنعام: 109]، و (يأمُرْكم) [البقرة: 76] و (ينصرْكم) [آل عمران: 160]، وكقراءة غيره: (وبعولتْهن) [البقرة: 228] و (رُسُلْنا لديهم) [الزخرف: 80] بتسكين التاء واللام.
فلو لم تعامل بما عوملت الضمة من الحذف لمجرد التخفيف لكان في ذلك تفضيل للنائب على المنوب عنه. ومن حذفها لمجرد التخفيف قراءة يحيى بن الحارث الذِّماري: (قالوا ساحران تظاهرا) [القصص: 48] والأصل: قالوا أنتما ساحران تتظاهران، فحذف المبتدأ ونون الرفع، وأدغم التاء في الظاء. ومنه حديث "لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتّى تحابّوا" وقول وفد عبد القيس: "فأصبحوا يعلِّمونا كتاب الله".
قال القاضي عياض: يحتمل أن يكون ذلك على وجه الدعاء، ويحتمل أن يكون (لا)