تركناه، و (صدقة) مرفوع لا غير خبر الذي. انتهى.
وقال ابن مالك في "توضيحه": (ما) بمعنى الذي، و (تركنا) صلة، والعائد محذوف، و (صدقة) خبر، هذا على رواية من رفع، وهو الأجود لسلامته من التكلف، ولموافقته رواية من روى: (ما تركنا فهو صدقة). وأما النصب فالتقدير فيه: ما تركنا مبذول صدقة، فحذف الخبر وبقي الحال كالعوض منه، ونظيره: (ونحن عصبةً) [يوسف: 8] بالنصب.
وقال النووي: هو برفع (صدقة) و (ما) بمعنى الذي، أي الذي تركناه فهو صدقة. قال وإنما نبهت على هذا لأن بعض جهلة الشيعة يُصحِّفه.
وقال القرطبي: جميع الرواة لهذه اللفظة في الصحيحين وغيرهما يقولون (لا نورث) بالنون، وهي نون جماعة الأنبياء، و (صدقة) مرفوع على أنه خبر المبتدأ الذي هو (ما تركنا)، والكلام جملتان: الأولى فعلية والثانية اسمية، لا خلاف بين المحدثين في هذا، وقد صحّفه بعض الشيعة فقال (لا يورث) -بالياء-، ما تركنا صدقة، بالنصب، وجعل الكلام جملة واحدة، على أن يجعل (ما) مفعولاً لم يسم فاعله، و (صدقة) ينصب على الحال، ويكون معنى الكلام: إن يتركه صدقةً لا يورث ويورث سائر أمواله. انتهى.
وقال الباجي في "شرح الموطأ" وكان من أهل العلم بالحديث، إلا أنه لم يكن قرأ عربية، فناظر يومًا في هذه المسألة أبا عبد الله بن المعلم، وكان إمام الإمامية، وكان مع ذلك من أهل العلم بالعربية، فاستدل ابن شاذان على أنّ الأنبياء لا يورثون بهذا الحديث، فقال له ابن المعلم: أمّا ما ذكرت من هذا الحديث فإنما هو (صدقة) نصب على الحال، فيقتضي ذلك أن ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الصدقة لا يورث عنه،