إلا خيرك، ولا إلهَ غيرك).
وقوله: (ولم يكن له كفوا أحد) قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في التعليقة: فرّق سيبويه بين تقديم الظرف والمجرور وتأخيره، فاختار تقديمه إذا كان مستقرًا نحو: ما كان فيها أحد خير منك، وتأخيره إذا كان لغوًا نحو: ما كان أحد خيرًا منك فيها. وعلى هذه القاعدة يستعمل إعراب قوله تعالى: (ولم يكن له كفوًا أحدٌ) [الإخلاص: 4] حيث كان (له) ليس مستقرًا، لأن الخبر (كفوًا)، فاضطرب إعراب الجماعة لهذه الجملة.
فقال الكوفيون: إنّ (له) خبر (يكن)، و (كفوًا) حال من الضمير المستكن في (له) بناء على مذهبهم في أن الظرف الناقص إذا تمّ بالحال جاز أن يقع خبرًا، وقاسوه على جواز الإخبار بالخبر الذي لا يتم إلاّ بالصفة كقوله تعالى: (بل أنتم قوم تجهلون) [النمل: 55]، وقوله تعالى: (بل أنتم قوم عادون) [الشعراء: 166]، وغير ذلك من الآي ونحوها.
وفرّق البصريون فأجازوا الإخبار بما لا يتم إلاّ بالصفة، ومنعوا الإخبار بما لا يتم إلا بالحال، لأن الصفة من تمام الموصوف، والحال فضلة، فلا يلزم من جواز ما هو من تمامه جواز ما هو فضلة.
وقال البصريون: إن خبر يكن إنما هو (كفُوًا) وليس (له) بخبر، فأورد عليهم تقديمه في أفصح كلام وأَعْرَبِهِ مع كونه ليس بمستقر، وأجيب عن ذلك بأنه وإن كان ليس بمستقر فإنه جار مجرى المستقر لافتقار الكلام إليه ليكون عائدًا من الخبر المعطوف على خبر (الله الصمد)، ولو خلا الكلام من لم يبق له تعليق بما قبله، فهو كالمستقر في الحاجة إليه.
قال الزمخشري: هذا الظرف وإن كان لغوًا في الآية إلا أنه لكونه أهم وأجدر