وقوله: (فيخرج كأطيب) صفة موصوف محذوف وهو فاعل يخرج، أي يخرج منها رائحة كأطيب نفحة من نفحة مسك.
وقوله: (من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير) مثل قوله: أنا أبو النجم وشعري شعري، والجملة الفعلية بعده استئنافية، لما سرّه بتلك البشارة قال له: إني لا أعرفك من أنت حتى أجازيك بالثناء والمدح، فوجهك هو الكامل في الحسن والجمال، وحق لمثل هذا الوجه أن يجيء بالخير، ويبشر بمثل هذه البشارة، فعلى هذا (من أنت) مضمّن المدح مجملاً، والفاء لتعقيب البيان بالمجمل، وعلى عكس هذا قول الشقي: من أنت، فوجهك الوجه.
وقوله: (فينادي منادٍ من السماءِ أنْ صدق عبدي فأفرشوه من الجنة) قوله: (فينادي) لا يجوز أن تكون مفسرة لما في ينادي من معنى القول، وأن تكون مصدرية مجرورة لأن صدق والمنادى فأفرشوه والفاء مثلها في قوله تعالى: (لإيلافِ قريشٍ) [قريش: 1] إلى قوله: (فَلْيَعْبُدوا)، وهي جواب شرط محذوف، فأفرشوا بألف القطع، أي فاجعلوا له فراشًا من فُرُش الجنة، ولم نجد الأفرش على هذا المعنى في المصادر، وإنما هو أفرش أي أقلع عنه وأقفل، فأفرش بهذا اللفظ إذن على ثلاثة من باب القياس الذي ألحق الألف بثلاثي، ولو كان من باب الثلاثي لكان من حقه أن يروى بألف الوصل، والمعنى ابسطوا له، ولم نجد الرواية إلاّ بالقطع.
وقوله: (فيأتيه من رَوْحِها) أي فيأتيه روحها، على مذهب الأخفش، أو بعض روحها، أو شيء من روحها، فلم يُؤْتَ به إلا لقصد أنه مما لا يقادر قدره، ولا يوصف كنهه. هذا كلام الطيبي.
قوله: (فيقول هاتاه) قال في النهاية: هذه كلمة تقال في الأبعاد، وقد تقال للتوجع، فتكون الهاء الأولى مبدلة من همزة آه، وهو الأليق بمعنى هذا الحديث.