ولى القضاء بحماة، وترسَّل عن صاحب حمص إلى بغداد مراراً، ودخل مصر، وتولى القضاء بها، ثم خرج إلى الشام فتوفى فيها.

الشيخ أبو شجاع بكْبرس بن عبد الله التركى الفقيه الحنفى المعروف بنجم الدين الزاهد مولى الخليفة الناصر لدين الله.

توفى في هذه السنة، ودفن بتربة الإمام أبي حنيفة، رضى الله عنه، ببغداد وقال صاحب طبقات الحنفية: بكْبَرْس بن يلنقلح أبو الفضائل وأبو شجاع الفقيه الأصولى الملقب نجم الدين التركى الناصرى مولى الإمام الناصر لدين الله، وله مختصر في الفقه على مذهب أبي حنيفة رضى الله عنه نحو من القدورى اسمه الحاوى، وله شرح العقيدة للطحاوى، في مجلد كبير ضخم فيه فوائد، سماه بالنور اللامع والبرهان الساطع.

وذكره الصاحب ابن العديم في تاريخ حلب، وقال: فقيه حسن، عارف بالفقه والأصول، وكان يلبس لبس الأجناد: القباء والشربوش، عرض عليه المستنصر قضاء القضاة ببغداد وأن يلبس العمامة، فامتنع من ذلك.

قال ابن العديم: وبلغنى أنه كان اسمه أولاً منكوبرس فسُمى بكبرس، وكان خيِّراً، ورعاً تقياً، فاضلاً، حسن الطريقة، وتوفى في أوائل ربيع الأول من هذه السنة، ودفن إلى جانب قبر أبي حنيفة رحمه الله في القبة في الرصافة.

وبَكْبرس بفتح الباء الموحَّدة، وسكون الكاف، وفتح الباء الثانية، وسكون الراء، وفي آخره سين مهلملة.

ويلتفح: بفتح الياء آخر الحروف، واللام وسكون النون وكسر القاف وكسر اللام الثانية وفي آخره حاء مهملة.

الشيخ أبو الخير بن عثمان بن محمد بن حاجى المقرىء توفى بمصر في هذه السنة.

الشيخ الفقيه العالم أبو البركات عبد السلام بن عبد الله الحرانى الحنبلى، مات في هذه السنة بحرَّان.

الأديب أبو الفتوح ناصر بن ناهض اللخمى المعروف بالحصرى.

كان شاعراً محسناً، ومن شعره المعشَّرات المشهورة التي مطلعها:

أما لك باداءَ المحبَّ دواءُ ... بل عند بعض الناس منك شفاءُ

وغيرها من القصائد.

مات في هذه السنة بمصر، رحمه الله.

شهاب الدين بن كجبابات، شرب الخمر، فأصبح سكراناً، ميِّتاً.

فصل فيما وقع من الحوادث في

السنة الثالثة والخمسين بعد الستمائة

استهلت هذه السنة، والخيفة: هو المستعصم بالله.

وصاحب الديار المصرية: السلطان الملك المعز أيبك.

وصاحب الديار الشامية: السلطان الملك يوسف بن العزيز.

وصاحب الروم: أولاد الملك غياث الدين كيخسرو وهم ثلاثة: كيكاوس وقليج أرسلان وكيقباذ، وأبوهم مات في سنة أربعة وخمسين وستمائة على ما نذكره، وعند بعض المؤرخين مات في سنة إحدى وخمسين وستمائة، فاستقر أولاده الثلاثة في السلطنة متشاركين فيها، وإن كان تأخر موته إلى سنة أربعة وخمسين كما ذكرناه الآن، في حياة أبيهم، والله أعلم.

وصاحب البلاد الشمالية: بركة خان.

وصاحب العراق: هلاون اللعين.

وصاحب إفريقية في الغرب: محمد بن أبي زكريا يحيى، ولكنه مات في سنة خمس وسبعين وستمائة.

قال السبط: وفي سنة الثانية والخمسين وستمائة وصلت الأخبار من المغرب باستيلاء إنسان على إفريقية، وادعى الخلافة، وتلقب بالمستنصر، وخطب له في تلك البلاد والنواحى، وأظهر العدل والإحسان والإنصاف، وبنى له برجاً، وأجلس الوزير والقاضى والمحتسب والوالى بين يديه يحكمون بين الناس.

وقال الشيخ الفاضل ركن الدين: الحفصيون الذين ملكوا تونس أولهم أبو حفص عمر بن يحيى الهنتاتى، بتأءين مثناتين من فوق، وهي قبيلة من المصامدة، ويزعمون أنهم قرشيون من بنى عدى بن كعب رهط عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وكان أبو حفص المذكور من أكبر أصحاب ابن تومرت بعد عبد المؤمن، وتولى عبد الواحد بن أبي حفص المذكور إفريقية نيابة عن بني عبد المؤمن في سنة ثلاث وستمائة، ومات في ذي الحجة سنة ثمانية عشر وستمائة، وتولى بعده أبو العلاء من بنى عبد المؤمن، ثم توفى، فعادت إفريقية إلى ولاية الحفصيين، وتولى منهم عبد الله بن عبد الواحد بن أبي حفص في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، ولما تولى ولى أخاه ابا زكريا يحيى قابس، وأخاه أبا إبراهيم إسحاق بلاد الجريد، ثم خرج على عبد الله وهو على قابس أصحابه ورجموه وطردوه، وولوا موضعه أخاه أبا زكريا بن عبد الواحد سنة خمس وعشرين وستمائة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015