مدح الملوك والأمراء والوزراء والكبراء، وكان ماجنا ظريفا حلو المحاضرة، سمع الحديث، وكان مولده في حدود ستمائة بعدها بسنة أو ستين، وتوفي يوم الثلاثاء ثاني عشر شوال من هذه السنة، ودفن بالقرافة.

قال: وقد تزوج أبوه بعجوز:

تزوج الشيخ أبي شيخة ... ليس لها عقل ولا ذهن

كأنها في فرشها رمّه ... وشعرها من حولها قطن

وقائل قال لي كم سنها ... فقلت ما في فمها سن

لو سفرت غرّتها في الدّجى ... ما جسرت تبصرها الجن

الأمير الكبير جمال الدين أقوش الشمسي.

أحد أمراء الإسلام، وهو الذي باشر قتل كتبغا نوين مقدّم التتار يوم عين جالوت، وهو الذي أمسك عز الدين أيدمر الظاهري، وقد ناب في حلب في السنة الماضية، توفي في حلب في خامس المحرم من هذه السنة، وتولى عوضه في حلب علم الدين سنجر الباشقردي.

الأمير علي بن عمر الطورى.

كان من أبطال المسلمين وشجعانهم، وله صيت عظيم عند الفرنج، وتنقل في الولايات الجليلة في عدة جهات من بلاد الشام، توفي في هذه السنة بجبل الصالحيّة ظاهر دمشق، ودفن بسفحه، وقد نيّف على تسعين سنة.

الأمير سيف الدين أبو بكر بن أسيا سالار والي مصر.

ولي مصر عدة سنين وكان سمينا عظيما، مات في ربيع الآخر من هذه السنة، ودفن بتربته في القرافة، وكان خيرا في أموره يشكره الناس.

فصل فيما وقع من الحوادث في

السّنة الثمانين بعد الستمائة

استهلت هذه السنة، والخليفة هو الحاكم بأمر الله العباسيّ.

وسلطان الديار المصريّة والشاميّة: الملك المنصور قلاون الألفي الصالحي، وهو على الروحاء بالقرب من عكا.

ونائب دمشق: الأمير حسام الدين لاجين المنصوري.

ونائب حلب: الأمير علم الدين سنجر الباشقردي.

وفي عاشر المحرم انعقدت الهدنة بين أهل عكا وبين السلطان وهو على الروحاء.

وفي تاريخ بيبرس: جاءت رسل الإفرنج إلى أبواب السلطان، وهو على الروحاء، يسألونه تقرير الهدنة، والزيادة على الهدنة الظاهرية، والصلح لأهل المرقب، ولم يزالوا يترددون إلى أن تقرر الحال على أن يكون لهم مناصفة الربض وبلنياس، على أن يردوا كل من عندهم من أسرى المسلمين الذين أخذوهم في الفسخ، وكانوا جماعة كثيرة، وتقررّت الهدنة في المحرم من هذه السنة، وحلف السلطان لهم ونودي بالصلح، وسير الأمير فخر الدين إياز المقرئ أمير حاجب ليحلف الفرنج ومقدّم بيت الاسبتار واسمه افربر تنكول لكورن، فحلف على ما انعقد عليه الصلح.

ذكر حادثة سيف الدين كوندك ومن معه

وبلغ السلطان وهو على الروحاء أن سيف الدين كوندك، وجماعة من الأمراء الظاهريّة، قد أزمعوا الغدر به والوثوب عليه، فأحضرهم إليه وعنفّهم، وعتبهم واتفق وصول كتب من عكّا بالفرنجي من جهة من كان له فيها من الناصحين، مضمونها أن تحترز على نفسك، فإن عندك جماعة من الأمراء قد اتفقوا عليك ليقتلوك، وقد كاتبوا الفرنج وقالوا لهم: لا تصالحوه ولو أعطاكم ما أعطاكم، فقد طبخنا له القدر وغلت، وما بقي الأمر يبطئ.

فلما بلغه هذا الخبر، عزم على العمل بالحزم، والأمر بالجزم.

وأحسّ الأمراء المذكورون بذلك، فاضطربوا، وعزموا على أن يركبوا في الليل، ويأتون إلى الدهليز باتفاق بينهم وبين بعض الظاهرية الجوانية، فإذا قربوا من الدهليز يقطعون أطنابه، ويفعلون ما اتفقوا عليه، فإن ظفروا بإبل، وإلا ركبوا حميّة واحدة، وطلبوا جهة الأمير شمس الدين سنقر الأشقر.

فنقل الخبر إلى السلطان، فسيّر إلى طرقات الشام بأن تحفظ عليهم المسالك من غير أن يعلموا، ورتب حول الدهليز جماعة من البحريّة الصالحيّة، واتفق مع الأمراء الكبار على التحرز إلى أن يحصل الدخول إلى دمشق والتمكن منهم وفعل ما يجب فعله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015