ذكر وقوع الصلح بين السلطان وبين صاحب سيس

وفي شوال من هذه السنة وقع الصلح بين السلطان وهو في دمشق وبين هيثوم صاحب سيس، على أنه إذا أحضر هيثوم سنقر الأشقر من التتار، وكانوا وقد أخذوه من قلعة حلب لما ملكها هلاون كما ذكرنا، ويسلم مع ذلك بهسني ودربساك ومرزبان ورعبان وشيح الحديد يطلق له ابنه ليفون، فدخل صاحب السيس على ملك التتار أبغا وطلب منه سنقر الأشقر فأعطاه إياه، ووصل سنقر الأشقر إلى خدمة السلطان، وتسلم السلطان المواضع المذكورة خلا بهسني، وأطلق السلطان ابن صاحب سيس ليفون بن هيثوم وتوجه إلى والده.

وقال بيبرس في تاريخه: ولما تقرر الصلح بين الظاهر وبين صاحب سيس على ما ذكرنا أرسل السلطان مجكا الرومي لإحضار ليغون بن صاحب سيس من الديار المصرية، فتوجه من أنطاكية وأحضره، وعاد إلى دمشق في ثلاثة عشر يوما، فأرسله السلطان إلى والده في ثالث عشر شوال منها، وكان صاحب سيس قد سير إلى السلطان أخاه فاساك في هذا الأمر، وسير ريمون صهر ولده رهينة إلى أن يسلم إليه القلاع المذكورة ويحضر سنقر الأشقر إلى الخدمة الشريفة.

ذكر مجيء رسل صاحب عكا إلى السلطان

وهو في دمشق أيضا، واسمه أوك بن هري ابن أخت صاحب قبرس، وكان أهل عكا قد أحضروه وملكوه عليهم، فلما جاء السلطان من أنطاكية إلى دمشق جاءت رسله إلى أبواب السلطان يسألونه الصلح، فتقرر الحال بينه وبين السلطان على عكا وبلادها وثلاثين ضيعة، وتقرر أن تكون حيفا للفرنج ولها ثلاث ضياع، وبقية بلادها مناصفة، وللقرين عشر قرى والباقي للسلطان، وبلاد الكرمل مناصفة، وعثليت تكون لها خمس قرى والباقي مناصفة، وبلاد صيدا الوطأه للفرنج والجبليات للسلطان، واتفق الصلح على مملكة قبرس وأن تكون الهدنة لعشر سنين، وسير السلطان إليه هدية عشرين نفرا من أسارى أنطاكية.

ذكر عود السلطان من الشام إلى الديار المصرية

ولما فرغ أمر السلطان خرج من دمشق عائدا إلى الديار المصرية فدخلها يوم

ولما فرغ أمر السلطان خرج من دمشق عائداً إلى الديار المصرية فدخلها يوم الحادي عشر من ذي الحجة من هذه السنة، وكان يوم دخوله يوما مشهودا، وجاءت إليه هدية صاحب اليمن مشتملة على تحف شتى وكتاب إلى السلطان، وسأله الإنتماء والحضور إلى جنابه وأنه يخطب له ببلاد ايمن، فأرسل له السلطان خلعا وسنجقا وتقليدا.

ذكر بقية الحوادث

منها: أن ضياء الدين بن الفقاعي رافع الصاحب بهاء الدين حنا عند السلطان الظاهر، فاستظهر عليه فسلمه السلطان إليه، فلم يزل يضربه بالمقارع ويستخلص أمواله إلى أن مات، فيقال إنه ضربه قبل أن يموت سبعة عشر ألف مقرعة وسبعمائة.

ومنها: أن السلطان فتح جبلة وتسلمها من صاحبها افرير ماهي صافاج، ومنها: أن معين الدين البرواناه مدبر مملكة الروم اتفق مع التتار المقيمين معه ببلاد الروم على قتل السلطان ركن الدين قليج أرسلان السلجوقي، فحنق التتار ركن الدين بوتر، وأقام البرواناه مقامه ولده غياث الدين كيخسرو بن ركن الدين المذكور، وله من العمر أربع سنين.

وقال ابن كثير: وله من العمر عشر سنين، وتمكن البرواناه جدا، وأطاعه جيش الروم.

ومنها: أنه ولى القضاء بالديار المصّرية القاضي تقي الدين محمد بن الحسين ابن رزين بالقاهرة، وبمصر القاضي محي الدين عبد الله بن عين الدولة.

ومنها: أن أبغا أوقع بابن عمه تكدار بن موجى بن جغطاي جنكرخان، وكان أبغا قرر على وزارته نصير الدين الطوسي، واستناب على السلطنة البرواناه المذكورواربفع قدره عنده جدّا.

ومنها: أن صاحب القصير بذل نصف البلاد التي في يده للسلطان الملك الظاهر، فتسلّمها منه، وزعم أهلها أن بأيديهم خطا من عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فكتب لهم هدنّة بما تقرر الحال عليه.

وفيها: ".......... " وفيها: حج بالناس مع الركب المصريّ الأمير عز الدين أيدمر الحليّ.

ذكر من توفى فيها من الأعيان

الشيخ عفيف الدين يوسف البقال، شيخ رباط المرزبانيةّ.

كان صالحا، ورعا زاهدا، حكى عن نفسه قال: كنت بمصر فبلغني ما وقع ببغداد من القتل الذريع فأنكرته بقلبي، وقلت: يارب كيف هذا وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له، فرأيت في المنام رجلا وفي يده كتاب فأخذته فإذا فيه:

دع الإعتراض فما الأمر لك ... ولا الحكم في حركات الفلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015