وفي تاريخ النويرى: وأنفق الناصر الأموال واستخدم الرجال، وجهَّز عكسرا إلى غزة، وخرج المصريون إلى السانح وأقاموا كذلك حتى خرجت السنة.

وقال السبط: وخرجت السنة والتى بعدها أيضاً على هذا.

ذكر خلّع الأشرف عن السلطنة

وإعادتها إلى أيبك التركمانى قال بيبرس في تاريخه: وفى هذه السنة، يعنى سنة تسع وأربعين وستمائة، عزم المعز أيبك على تزويجه بشجر الدر، والاستقلال بالسلطنة، وإبطال أمر الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن الملك المسعود من الملك، فأبطله، وخلعه، وأزاله ونزعه.

وكان ذلك إنتهاء الدولة الأيوبية بالديار المصرية وإبتداء الدولة التركية وظهور مُلك البحرية، فسبحان مدبر البرية ومجرى القدر بما سبقت به المشيئة.

ومدة الدولة الأيوبية إلى هذا الحين خمس وثمانون سنة.

وخرجت هذه السنة والملك المعزّ نازل بعساكر مصر على السانح، وعسكر الملك الناصر يوسف نازل بغزّة.

وكانت مدة الملك الشرف المذكور حول الحول، ثم تحولت بأمر ذي الطول والحول.

ذكر بقية الحوادث في هذه السنة

منها: أنه وصل إلى الخليفة كتاب من صاحب اليمن وهو صلاح الدين يوسف بن عمر، يذكر فيه أن رجلا باليمن خرج فادعى الخلافة وأنه نفذ إليه جيشاً، فكسروه وقتلوا خلقاً من أصحابه، وأخذ منه صنعاء وهرب هو بنفسه في شرذمة ممن بقى من أصحابه، وأرسل إليه الخليفة بالخلع والتقليد.

ومنها: أنه في رمضان استدعى الشيخ سراج الدين عمر بن بركة النهر قلى مدرس النظامية ببغداد، فولى قضاء القضاة ببغداد مع التدريس المذكور وخلع عليه.

ومنها: أن السلطان الملك المعز تزوج بأمّ خليل شجر الدرّ، حظيّة السلطان الملك الصالح نجِم الدين أيوب، رحمه الله، واستقل بالسلطنة كما ذكرنا.

ومنها: أن في شعبان ولى تاج الدين عبد الكريم بن الشيخ محي الدين يوسف ابن الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزى حسبة بغداد بعد أخيه عبد الله الذي تركها تزهداً عنها، وخلع عليه بطرحة، ورفع على رأسه غاشية، وركب الحجاب في خدمته.

ومنها: أنه صليت صلاة العيد يوم الفطر بعد العصر، وهذا اتفاق غريب.

ومنها: أنه انتهى في هذه السنة الكتاب المسمى: شرح نهج البلاغة، في عشرين مجلدا، مما ألَّفه عبد الحميد بن داود بن هبة الله بن أبي الحديد المدائنى الكاتب للوزير مؤَيَد الدين بن العلقمى، فأطلق له الوزير مائة دينار وخلعه وفرس، وامتدحه عبد الحميد بقصيدة، لأنه كان شيعياً معتزلياً.

وفيا: وفيها: لم يحج أحد بالناس من العراق.

ذِكْرُ مَنْ تُوفِّى فيها مِنَ الأعيان

أقضى القضاة أبو الفضل عبد الرحمن بن عبد السلام بن إسماعيل بن عبد الرحمن ابن إبراهيم اللمغانى الحنفى. من بيت العلم والقضاء.

درس بمشهد أبي حنيفة رضى الله عنه، وناب عن قاضى القضاة بن فضلان الشافعى، ثم عن قاضى القضاة أبي صالح نصر بن عبد الرزاق الحنبلى، ثم عن قاضى القضاة عبد الرحمن بن مقبل الواسطى، ثم بعد وفاته استقر القاضى عبد الرحمن اللمغانى بولاية الحكم ببغداد، ولقب اقضى القضاة، ولم يخاطب بقاضى القضاة، ودرس للحنفية بالمستنصرية في سنة خمس وثلاثين وستمائة، وكان مشكور السيرة في أحكامه ونقضه وإبرامه.

ولما توفى تولى بعده قضاء القضاة ببغداد شيخ النظامية سراج الدين النهر قلى كما ذكرنا.

وقال صاحب طبقات الحنفية: إن أقضى القضاة عبد الرحمن المذكور توفى يوم الجمعة ضاحى نهار الحادى عشر من رجب سنة تسع وأربعين وستمائة، ودفن بمقابر أبي حنيفة رحمه الله، وكان مولده في المحرَّم سنة أربع وستين وخمسمائة.

واللمغانى بفتح اللام وسكون الميم وفتح العين المعجمة نسبة إلى لمَغْان وهى مواضع بين جبال غزنه.

بهاء الدين على بن هبة الله بن سلامة الجميزى خطيب القاهرة.

رحل من صغره إلى العراق، فسمع بها وبغيرها، وكان فاضلاً، أتقن مذهب الشافعى، وكان ديناً، حسن الأخلاق، واسع الصدر، كثير البر، قَلّ إن قدم عليه أحد إلا أطعمه شيئاً، وقد سمع الكثير على الحافظ السلفى وغيره، وأسمع الناس كثيراً من مروياته.

وكانت وفاته في ذي الحجة من هذه السنة وله تسعون سنة، ودفن بالقرافة.

ابن عمرون الحلبى، هو الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي على ابن سَعْد بن عمرون الحلبى النحوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015