الدرزية، وضّم حّران ومنبج وفتح قلعة جعبر والموصل وتصالح مع سلاجقة الروم وحقق إلى حد كبير هدفه الاستراتيجي الأول وهو وحدة الدول والإمارات الإسلامية المواجهة للفرنجة وأصبح القضاء على الفرنجة مسألة وقت فقط.
119. دخل نور الدين في صراع مع مملكة بيت المقدس واستهدف تحقيق انتصارات في المجال الاقتصادي والسياسي والعسكري وبالمفاوضات أحياناً أخرى وقد أدركت الدولة النورية أن تجيش الجيوش ضد مملكة بيت المقدس الصليبية خير وسيلة من أجل تحقيق باقي الدوافع السابقة، وكانت هناك صلة وثيقة بين آلة الحرب للدولة النورية وتحركاتها السياسية، وقد حرصت الدولة النورية على الاستيلاء على عدد من القلاع والحصون الاستراتيجية من أجل إضعاف فعاليات المملكة الصليبية عسكرياً ولتأمين حدود الدولة النورية، ولإيجاد توازن عسكري مع المملكة الصليبية يتطور مستقبلاً إلى ما هو أبعد في سبيل تحقيق التفوق العسكري على الوجود الصليبي وهو ما تحقق في عهد السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي.
120. امتدت ساحة صراع نور الدين مع الصليبيين من إمارة الرها إلى أنطاكية ثم طرابلس وبيت المقدس وأسقط ما يزيد على الخمسين من الحصون والمعاقل، وتصارع مع جبهتين شمالية وجنوبية في آن واحد وارتبطت طموحاته بحكمته ودهائه السياسي وحافظ على طاقاته وإنجازاته.
121. تلخصت سياسة نور الدين تجاه إمارة الرها في القضاء على محاولة أميرها السابق استردادها ثم اتجاهه إلى أسره وإسقاط أملاكه، وطبيعي أن ندرك دوره في هذا المجال كان المحافظة على ما أمكن إنجازه في عهد والده والقضاء على المراكز الحصينة التي سيطر عليها جوسلين الثاني ويلاحظ أن جهوده نحوها لم تكن على ذلك المستوى الكبير الذي حظيت به إمارة أنطاكية مثلاً، نظراً لانتهاء قوة الرها الصليبية الفعلية في عهده.
122. كانت أهم ملامح العلاقات النورية الأنطاكية انتصارات تلو انتصارات بلغت ذروتها في حارم ومع ذلك لم تسفر عن تغير حاسم، وكأن الأحداث أثبت أن جبهة شمال الشام منغلقة أمام أية توسعات نورية حاسمة مستقبلية طالماً أن الأمبراطورية البيزنطية تقف حائلات دون ذلك ويلاحظ أن الأخيرة كانت حريصة على إضعاف الصليبيين وتفوقها هي عليهم غير أنها في نفس الوقت لم تكن لتقبل بانتصار حاسم لنور الدين بل أرادت أن يكون الجميع في موقف ضعف حتى يحتاجوا إليها.
123. كانت سياسة نور الدين تجاه إمارة طرابلس تتمثل في الرغبة في السيطرة على