قلاعها وحصونها ولم تحدث معارك كبرى في إمارة طرابلس كالتي حدثت في مواجهة أنطاكية، ومما تجدر الإشارة إليه، أن صراع الدولة النورية مع تلك الإمارات قد شهد نوعين من الاحتكاك العسكري معارك كبيرة مثل يغرى، وأنب، وحارم، ثم معارك محدودة من أجل إخضاع بعض القلاع والحصون مثل المنيطرة وانطرطوس، وغيرها وكانت المعارك جميعها برية ولم تحدث أية معركة بحرية وقد غدت تلك الناحية عامل ضعف مؤثر في صراع نور الدين محمود ضد الإمارات الصليبية خاصة إمارتي أنطاكية وطرابلس اللتين امتلكتا سلاحاً ممتداً من السويدية شمالاً إلى ميناء جونيه جنوباً ونلاحظ أن محاولات نور الدين محمود لإخضاع ميناء السويدية والإمبراطورية البيزنطية لتوسعات الدولة الطموحة في ذلك الاتجاه وأدى ذلك إلى عدم تملك الدولة النورية أية مواني.
124. حرض نور الدين محمود على استمرار الصلات التجارية مع الدولة البيزنطية، فقد كانت سوقاً رائجة لمنتجات الشرق وكانت الدولة النورية طرفاً هاماً في عملية استيرادها وتصديرها من بعد ذلك للقوى الأوروبية.
125. حرصت الدولة النورية على تجنب الصدام العسكري مع البيزنطيين بمفردهم أو من خلال تحالفهم مع الصليبيين فمختصر سياسة نور الدين تجاه الدولة البيزنطية يهدف إلى تحيدها، وعزلها عن بقية القوى الصليبية في المنطقة في بلاد الشام وفي الاتجاه الجنوني صوب الدولة الفاطمية.
126. تحالفت الدولة البيزنطية مع الصليبيين وبدأت حشهودهم تتحرك باتجاه الطرف الإسلامي، وقد أثارت مخاوف نور الدين محمود، فكتب إلى ولاة الأعمال والمعاقل بإعلامهم ما حدث من الروم ويبعثهم على استعمال التيقظ والتأهب للجهاد فيهم والاستعداد للنكاية بمن يظفر منهم وبدأت رسل نور الدين تتردد على معسكر الأمبراطور في عمل دبلوماسي سياسي كبير مع استعداده في الوقت للحرب وتواصل قدوم الأمراء وولاة الأعمال بجنودهم وكان على أهبة الاستعداد للجهاد.
127. استهدف نور الدين العمل على زعزعة الحلف البيزنطي مع مملكة بيت المقدس وأنطاكية ضده وحتى لا يجعل دولته بين عدوين الصليبيين في الجنوب والبيزنطيين في الشمال واستطاعت دبلوماسية الدولة النورية أن تصل إلى صلح مع الدولة البيزنطية واستطاعت المهارة السياسية الزنكية أن تدق أسفين بين التحالف البيزنطي والصليبي وهذا لم يأتي بدون دفع ثمن وإنما لتنازلات غير عادية فقد اتخذ نور الدين خطوة يصعب تقييمها إلا بوصفها من قبيل القرارات الصعبة المصيرية، فلعلم نور الدين محمود بعداء البيزنطيين للروم