55. في الوقت الذي أحكم فيه نظام الملك مشروعه السني الكبير، كانت أوروبا بقيادة أوروبان الثاني قد أعدت مشروعها الصليبي لغزو المشرق الإسلامي ومغربه وقد ساهمت عوامل وأسباب كثيرة في بروزه لحيز الوجود منها؛ الدافع الديني، والسياسي والاجتماعي، والاقتصادي وتبدل ميزان القوى في حوض البحر المتوسط، واستنجاد أمبراطور بيزنطه بالبابا أوروبان الثاني.

56. استطاع أوربان الثاني أن يوحَّد شعوب الغرب في مشروع عام على الرغم من أن لغات هذه الشعوب وعاداتها المحلية واهتمامات أبنائها كانت تختلف اختلافاً بيناً وقد تمتثل نجاح أوربان الثاني في أن خطبته التي دعا فيها إلى الحملة الصليبية كانت بمثابة بؤرة تجمعت فيها كل الأفكار التي مثلت الإطار الإيدلوجي لحركة المجتمع الغربي آنذاك على الرغم من الاختلافات اللغوية والعادات والتقاليد وهكذا لم تكن استجابة جماهير المستمعين إلى البابا في كليرمون مجرد رد فعل لبلاغة كلماته، وإنما كانت هذه الاستجابة تعبيراً عن فرحة أولئك المستمعين بالمشروع الذي مس أوتار الآمال التي كانت تداعب آمالهم تقريباً، وجاءت الحرب المقدسة ستاراً مدهشاً يمكن للجميع أن يتحركوا من خلاله لضمان تحقيق أحلامهم الدنيوية وخلاصهم الأخروي بالنسبة لهم.

57. نجحت الحملة الصليبية إلى حد كبير في تثبيت أربع إمارات لاتينية: الأولى في أعالي الفرات وهي الرها، والثانية في أعالي الشام وهي أنطاكية والثالثة على الساحل الشامي وهي طرابلس أما الرابعة فكانت قلب فلسطين وهي بيت المقدس، إضافة إلى أربع بارونيات كبرى وهي صيدا ويافا وعسقلان والجليل، وأثنى عشر إقطاعاً تسلمها أصحابها من الملك الصليبي مقابل تقديم فروض الولاء والطاعة له وتتمثل في: أرسوف، حبرون، الداروم، قيسرية، نابلس، بيسان، حيفا، تبنين، بانياس، كيفا، اللد، وبيروت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015