58. إن هذا النجاح الذي حققته الحملة الصليبية يرجع إلى عدة عوامل وأسباب ساهمت فيه منها: إنعدام الوحدة السياسية في العالم الإسلامي، الصراع على السلطنة داخل البيت السلجوقي، وجود الدولة الفاطمية الرافضية، سقوط الخلافة الأموية بالأندلس، خيانة بعض النصارى ممن كان يعيش في بلاد الشام، موقف بعض الإمارات العربية من الغزو الصليبي دور الباطنية الإسماعيلية في عرقلة الجهاد ضد الصليبيين، فقد تعاونوا مع الصليبيين، واغتالوا القادة المسلمين، وأشاعوا الرعب والخوف في المجتمع الإسلامي، انتشار الفكر الشيعي الرافضي والباطني، وتدهور الحياة الاقتصادية قبل الغزو الصليبي، ضعف الدولة البيزنطية تمرس فرسان الفرنج على الحرب، والإمدادات الأوروبية المستمرة لهم.

59. أيقظت صدمة سقوط القدس غفوة العديد من الفقهاء والقضاة وأدركوا حقيقة ذلك الغزو بعد أن هدد وجودهم ومكانتهم في مدن تلك البلاد فضلاً عن الأرض والعقيدة الإسلاميةن ولذلك بادر فقهاء وقضاة الشام من دمشق وحلب وطرابلس للاستنجاد بالسلطة المركزية ببغداد والإمارات المحلية باعتبارها تملك القوة القادرة على مواجهة العدو.

60. قام بعض الشعراء بدور كبير في تحريض المسلمين ووصف أحوال الأمة وطبيعة الغزو الصليبي الذي احتل البلاد وهتك الأعراض ومن أشهر هؤلاء ما قاله القاضي الهروي وقيل لأبي المظفر الأبيوردي القصيدة التي أولها:

مزجنا دماً بالدموع السواجم ... فلم يبق منا عرضه للمراجم

وشر سلاح المرء دمعٌ يفيضه ... إذا الحرب شُبَّت نارها بالصوارم

وقال شاعر آخر:

أحلَّ الكفُر بالإسلام ضيماً ... يطول عليه للدين النحيب

فخقُ ضائع وحمى مباح ... وسيف قاطع ودم صبيب

وكم من مسلم أمسى سليباً ... ومسلمة لها حرم سليب

وكم من مسجد جعلوه ديراً ... على محرابه نُصَب الصليب

دم الخنزير فيه لهم خلوقٌ ... وتحريف المصاحف فيه طيب

أمور لو تأملهن طفل ... لطفَّل في عوارضه المشيب

أتسبى المسلمات بكل ثغر؟ ... وعيش المسلمين إذن يطيب

أما لله والإسلام حق؟ ... يدافع عنه شبان وشيب

فقل لذوي البصائر حيث كانوا ... أجيبوا الله ويحكم أجيبوا

وكان لجهود العلماء والفقهاء والقضاة والأدباء والشعراء أثر في تقوية حركة المقاومة المسلحة والتي قادها أمر السلاجقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015