45. تكاد أن تجمع كل المصادر التي ترجمت للأشعري على أنه عاش طوره الأول في ظل المعتزلة والاعتزال وبعد خروجه على المعتزلة سلك طريق عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري وبدأ يرد على المعتزلة معتمداً على القوانين والقضايا التي قالها عبد الله بن كلاب وهي طريقه لم يسبقه إليها غيره ووافقه الأشعري وردّ من خلالها على الجهمية والمعتزلة ومكث الأشعري زمناً طويلاً على طريقة ابن كلاب يرد على المعتزلة وغيرهم من خلال ما اعتقده في هذه الطريقة ولكنّ الله تعالى منَّ عليه بالحق فنَّور بصيرته وذلك بالرجوع التام إلى مذهب أهل السنة والجماعة والتزام طريقتهم واتباع منهجهم وقد صّرح بذلك في قوله: وقولنا الذي نقول به وديانتنا التي نَدين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وما رُوي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كانه يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضّر الله وجهه ورفع درجته، وأجزل مثوبته - قائلون، ولما خالف قوله مخالفون، لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان به الحق ورفع به الضلال وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين وشك الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مُقَدَّم، وخليل معظم مفّخم.

46. من الأنصاف العلمي القول بأن المذهب الأشعري لم يستقر على مامات عليه الإمام أبو الحسن الأشعري بل حدث تطور في المذهب الأشعري بحيث أن أقوال الأشاعرة تعددت واختلفت في مسائل عديدة ومن أشهر الذين اجتهدوا وخالفوا أبا الحسن الأشعري في بعض المسائل، أبي بكر الباقلاني وابن فورك وعبد القاهر البغدادي والبيهقي والقشيري والجويني والغزالي وغيرهم على درجات متفاوت بينهم في ذلك.

47. كان للأشاعرة جهود مشكورة في الدفاع عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد أشار إلى هذه الجهود ابن تيمية في كتبه حيث وصفهم بأنهم من أهل السنة في مقابل المعتزلة والرافضة وقد دافع ابن تيمية عن شيوخ الأشاعرة كأبي الحسن الأشعري، والباقلاني، والغزالي مع نقده العلمي المبني على الإنصاف لبعضهم في بعض المسائل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015