43. كان اختيار تراث الإمام الشافعي في مناهج المدارس النظامية له مبرراته حيث أن الشافعي يعتبر من أقرب الأئمة الأربعة لبيت رسول الله، فهو قرشي ولربما كان من أسباب اختيار نظام الملك للمذهب الشافعي قربه من النسب النبوي حيث أن من أهداف المدارس النظامية تفويض المذهب الشيعي الباطني الذي تبنته الدولة الفاطمية والتي يزعم مؤسسوها بأنهم من أهل البيت وأنهم أحق بالخلافة من غيرهم كما أن لمكانة الإمام الشافعي في المذاهب السنية سبباً في اختيار تراثه وفقه حيث أن المالكية يفتخرون به لكونه من تلاميذ الإمام مالك والإمام أحمد يجله ويحترمه ويعتبره من شيوخه، كما أن الشافعي تتلمذ على يدي محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة فهو واسطة العقد بين المذاهب السنية الأربعة الشهيرة، كما أن نزعته النقلية وانتصاره للدليل وحدة ذكائه واستخدامه للعقل في إقامة الحجة على الخصوم وما تميزت به كتابته في أصول الفقه وبيان الخاص والعام والمطلق والمقيد والمجمل والمفصل ... إلخ ربما كانت من أسباب اعتماد تراثه في المدارس النظامية.

44. ساهم الإمام أبو الحسن الأشعري بتراثه وأفكاره التي وضعها في كتبه وبواسطة تلاميذه في نشاط المدارس النظامية التي اعتمدت ما وصل إليه من بحوث في عقائد أهل السنة والردود على المعتزلة والمخالفين لأصول أهل السنة والجماعة وكان الأشعري رحمه الله من العلماء الذين حملوا لواء العلم في كل ميادينه وصنوفه، ويعد من العلماء الذين جمعوا بين شتى المعارف والعلوم والفنون وكانت له تصانيف في الرد على الملاحدة وغيرهم من المعتزلة والرافضة والجهمية والخوارج وسائر أصناف المبتدعة قال عنه القاضي عياض: وصنف لأهل السنة التصانيف، وأقام الحجج على إثبات السنة وما نفاه أهل البدع من صفات الله ورؤيته وقدم كلامه وقدرته، وأمور السمع الواردة من الصراط والميزان والشفاعة والحوض وفتنة القبر التي نفت المعتزلة وغير ذلك من مذاهب أهل السنة والحديث، فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل العقلية ودفع شبه المبتدعة ومن بعدهم من الملحدة والرافضة وصنف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع الله بها الأمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015