41. كان اختيار الأساتذة للتعليم في النظاميات يجري وفق تقاليد تشبه أرقى الجامعات الحديثة، فقد كان النظام يختبر معلوماتهم خلال المناظرات التي كان يعقدها في المناسبات المختلفة ويلقى عليهم أسئلة كان قد فكّر وأعدّها، فإذا لمس في أحدهم علماً وذكاء وجهّه إلى المسلك الذي يريده.

42. وفق الله النظام توفيقاً قلّ نظيره في التاريخ السياسي والعلمي والديني، فقد عاشت مدارسه أمداً طويلاً وعلى الخصوص نظامية بغداد التي طاولت الزمن زهاء أربعة قرون وأدت رسالتها من تخريج العلماء على المذهب السني الشافعي وزودت الجهاز الحكومي بالموظفين ردحاً من الزمن وبخاصة في دوائر القضاء والحسبة والاستفتاء وهم أهم وظائف الدولة في ذلك العصر، وانتشر هؤلاء في العالم الإسلامي حتى اخترقوا حدود الدولة الفاطمية العبيدية في مصر وبلغوا الشمال الإفريقي ودعموا الوجود السني بها لقد تخرج من هذه المدارس جيل تحقق على يديه معظم الأهداف التي رسمها نظام الملك فوجدنا كثيراً من الذين تخرجوا فيها يرحلون إلى أقاليم أخرى ليقوموا بتدريس الإسلام ونشروا عقائده الصحيحة في الأمصار التي انتقلوا إليها أو يتولوا مجالس القضاء والفتيا، أو يتولوا بعض الوظائف الإدارية العمامة في دواوين الدولة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015