37. وإلى جانب الاختيار المدروس لأماكن المدارس النظامية فإنه تم اختيار أساتذتها بعناية تامة بحيث كانوا أعلام عصرهم في علوم الشريعة ويشير العماد الأصفهاني إلى دقة نظام الملك في هذه الناحية فيقول عنه وكان بابه مجمع الفضلاء، وملجأ العلماء وكان نافذاً بصيراً ينقب عن أحوال كل منهم فمن تفرس فيه صلاحية الولاية ولاه ومن رأى الانتفاع بعلمه أغناه ورتب له ما يكفيه حتى ينقطع إلى إفادة العلم ونشره وتدريسه وربما سيره إلى إقليم خال من العلم ليحليّ به عاطله، ويحي به حقه ويميت به باطله وفي كثير من الأحيان كان نظام الملك لا يعين الواحد منهم إلا بعد أن يستمع إليه ويثق في كفاءته حدث ذلك مع الإمام الغزالي الذي كان يتفقه على إمام الحرمين في نظامية نيسابور فلما مات استاذه في عام 478هـ قصد مجلس نظام الملك فناظر الأئمة العلماء في مجلسه وقهر الخصوم وظهر كلامه عليهم واعترفوا بفضله وتولاه الصاحب نظام الملك بالتعظيم والتبجيل وولاه تدريس مدرسته ببغداد.

38. حدد نظام الملك منهج الدراسة واعتمد على تراث الشافعي وأبو الحسن الأشعري ومما لا شك فيه بأن تراث الإمام الشافعي في الفقه والأصول والعقائد وسيرته الذاتية كان لها أثر على تلك المدارس، وليس في الفقه فقط المتعلق بالأحكام الشرعية العملية وقد مّر أبو الحسن الأشعري في مجال الاعتقاد بأطوار واستقر في آخر حياته على مذهب السلف.

39. كان اهتمام المدارس النظامية قد انصرف إلى التركيز على مادتين أساسيتين هما: الفقه على المذهب الشافعي، وأصول العقيدة على مذهب الأشعري وكانت تدرس بعض المواد في الحديث والنحو وعلمي اللغة والأدب.

40. لم يبخل نظام الملك بتوفير الإمكانات المادية التي تعين هذه المدارس على النهوض برسالتها ولذلك أنفق عليها بسخاء وخصص لها الأوقاف الواسعة واهتم بتوفير السكن للطلاب داخل هذه المدارس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015