35. أبدى نظام الملك اهتماماً كبيراً بوسائل تحقيق أهداف المدارس النظامية، فاختار الممتازين وأظهر ذكاء ملحوظاً في تحديد المنهج العلمي الذي تسير عليه، ثم بذل أقصى جهوده لتوفير الإمكانات المادية التي تعين هذه المدارس على العطاء الفكري السخي.

36. فمن ناحية الأماكن التي أنشئت النظاميات فيها يقول السبكي عن نظام الملك: إنه بنى مدرسة ببغداد ومدرسة ببلخ، ومدرسة بنيسابور، ومدرسة بهراة، ومدرسة بأصبهان، ومدرسة بالبصرة، ومدرسة بمرو، ومدرسة بآمل طبرستان ومدرسة بالموصل، فهذه أمهات المدارس النظامية التي أنشئت في المشرق الإسلامي ويتضح من توزيعها الجغرافي أن معظمها أنشيء، إما في بعض المدن التي تحتل مركز القيادة والتوجيه الفكري، كبغداد وأصفهان حيث كانت الأولى عاصمة للخلافة العباسية السنية وليتمركز فيها عدد كبير من المفكرين السنيين أيضاً والثانية: كانت عاصمة السلطنة السلجوقية في عهد الب أرسلان وملكشاه (عصر نظام الملك) وإما في بعض المناطق التي كانت مركزاً لتجمع شيعي في تلك الفترة كالبصرة ونيسابور وطبرستان وخوزستان والجزيرة الفراتية، فهذا التوزيع الجغرافي يشير بوضوح إلى أن وضع المدارس النظامية في الأماكن السابقة لم يأت اعتباطاً وإنما كان أمراً مقصوداً ومدروساً حتى تقوم بدورها في محاربة الفكر الشيعي في هذه المناطق وتفتح الطريق أمام غلبة المذهب السني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015