5. كانت الدولة الفاطمية تسعى للسيطرة على العراق والمشرق ولذلك قامت بإرسال الدعاة إليها، فقد واصل الحكام الفاطميون جهودهم في نشر دعوتهم مستغلين الاضطراب الذي ساد بلاد العراق وقد استجاب لهم كثير من الناس في عهد الظاهر لإعزاز دين الله الفاطمي والمستنصر بالله الفاطمي وازداد نشاط الدعاة في بلاد المشرق الإسلامي على عهد الأخير، فعهد إلى دعاته بالرحيل إلى فارس وخراسان وما وراء النهر فلقيت الدعوة الفاطمية في بلاد الفرس تأييداً كبيراً فاستجاب لهم كثير من الناس.
6. من أشهر دعاة الدولة الفاطمية العبيدية المؤيد في الدين هبة الله الشيرازي وقد تركت جهوده آثاراً خطيرة على الخلافة العباسية في عهد القائم بأمر الله، إذ انضم إليها كثير من قادة الترك والديلم وهم يمثلون عماد القوة التي تعتمد عليها البلاد في التصدي لأعداء الخلافة فظلوا يشجعون الدعوة الفاطمية ويقربون إليهم اتباعها وقد استطاع هبة الله الشيرازي أن يشن حرباً ثقافية فكرية عقائدية على منهج الإسلام الصحيح.
7. كان البساسيري من القواد المقربين من الخليفة العباسي إلا أن الدعوة الفاطمية العبيدية تغلغلت بين الناس وأثرت في بعض الأعيان والقواد وقد تأثر بهذه الدعوة قائد قواد الجند التركي أبو الحارث أرسلان البساسيري بدعوة هبة الله الشيرازي، وأصبح يكاتب الفاطميين ويعمل على قلب نظام الحكم في بغداد لصالح الدولة الفاطمية وتدهورت العلاقات بين الخلافة والبساسيري وفتنة البساسيري تعطينا درساً بليغاً في أهمية الاعتناء بالقادة العسكريين والوزراء السياسيين وأهل الفكر والرأي العام وتربيتهم على هدي القرآن الكريم وسيرة سيد المرسلين وفقه الخلافة الراشدة حتى لا يقعوا ضحايا للدعوات المنحرفة والمناهج الضالة والعقائد الفاسدة.