الدين على مداومة إرسال ما قُرَّر عليه من مال إلى نور الدين في كل سنة (?).

8 - وإذا كانت جميع الإجراءات التي اتخذها صلاح الدين لإسقاط الخلافة الفاطمية والخطبة لبني العباس والقضاء على الدعو الإسماعيلية بمصر قد تمَّت بتوجيه مباشر من نور الدين وبعد إرساله لنجم الدين والد صلاح الدين فإن ضمَّ صلاح الدين لليمن تّم بإذن نور الدين للقضاء على الدعوة الشيعية الإسماعيلية هناك - وضم اليمن لجبهة المقاومة - بحيث أرسل نور الدين هذه الباشرة بنفسه للخليفة العباسي (?) وكذلك في ضم المغرب الأدنى وغزو مملكة النوبة وبُشر الخليفة العباسي بقرب فتح القسطنطينية وبيت المقدس (?). فقد كتب نور الدين إلى الخليفة العباسي: وقسطنطينية والقدس يجريان إلى أمَد الفتوح في مضمار المنافسة والله تعالى بكرمه يدنى قطاف الفاتحين لأهل الإسلام ويوفق الخادم لحيازة مراضي الإمام ومن جملة حسنات هذه الأيام الزاهرة، ما تيسر في هذه النَوْبَة من افتتاح بعض بلاد النُوبَة، والوصول إلى مواضع منها، لم تَطرُقها سنابك الخيل الإسلامية في العصور الحالية، وكذلك استولى عساكر مصر أيضاً على برقة وحصونها .. حتى بلغوا إلى حدود المغرب (?).

9 - ومنُذ استقرار صلاح الدين بمصر، حتى وفاة نور الدين دوام صلاح الدين على إرسال تحف القصر الفاطمي إلى سيده نور الدين رمزاً للولاء والتبعَّية، ودوام صلاح الدين على إطلاع نور الدين على كل صغيرة وكبيرة داخل مصر، فنجده مثلاً يرسل إليه كتاباً يتضمن ذكر ثورة بقايا الفاطميين والتي كان من ضمنها عمارة اليمني (?)، وليس أدلّ على تعاون كل من صلاح الدين ونور الدين من تفاهمها الاستراتيجي في قتال الفرنج؛ فيند أبو شامة أنه في سنة 568هـ/1172م تولى السلطانان نور الدين في الشام وصلاح الدين من مصر في هذه السسنة جهاد الصليبيين، ولقد وصف العماد هذا الحدث بـ "جهاد السُّلطانين للفرنج" (?)، وهذا ما أكَّده صلاح الدين في كتاب له للخليفة العباسي بقوله أنه: كان انعقد بينه وبين نور الدين رحمه الله، في أن يتجاذبا طرفيَّ الغزاة من مصر والشام، والمملوك (أي صلاح الدين) بعسكره وبّره وبحره، ونور الدين من جانب سهل الشام ووعره (?).

10 - ولقد أبدى صلاح الدين تبعيته لبيت نور الدين حتى بعد وفاته سنة 569هـ/1173م، بحيث خطب صلاح الدين لابنه الصالح إسماعيل، وضرب السكة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015