سابعاً: الوسائل التي اتخذها صلاح الدين للقضاء على المذهب والتراث الفاطمي:

ليس من السهل اليسير أن يقتلع مذهب من المذاهب، بمجرد تغيير النظام السياسي في بلد ما من البلاد، إنما يحتاج التغيير إلى سنوات عديدة، وتدابير ليست من تدابير القوة والبطش فحسب (?)، لذلك فالملاحظ أن صلاح الدين قد استخدم وسائل وأساليب عديدة في سبيل القضاء على الدعوة الفاطمية بمصر، جاءت بعض هذه الأساليب تتسم بالشدة والعنف والحسم الفوري المباشر، والبعض الآخر اتخذ وسيلة الحيلة والتدرج، واستخدم بعضها القوّى العسكرية، في حين نهج البعض الآخر سبيل الدعوة والتعليم والإقناع، والاستمالة عن طريق المنشآت الاجتماعية الدينينة الخيرية وما يوقف عليها من أوقاف للصرف عليها (?) وإليك بعض هذه الوسائل:

1 - إذلال الخليفة الفاطمي العاضد

1 - إذلال الخليفة الفاطمي العاضد: بدأ صلاح الدين بإذلال شخص الخليفة الفاطمي العاضد، للقضاء على فكرة " الولاية " التي تبنى عليها جميع النظريات والعقائد الإسماعيلية ويستمد منها الحكام الفاطميون قداستهم، فأرغم الخليفة العاضد على الخروج بنفسه لاستقبال والده نجم الدين أيوب، عند وصوله إلى مصر، رغم ما جرى عليه العرف، وحرصت عليه الرسوم الفاطمية، من استعلاء الخليفة الفاطمي واحتجابه عن الناس لعدم، ابتذاله بكثرة ظهوره أمام الناس ولإكسابه مسحة من القداسة والتعظيم، بل يذكر أبو شامة، أن العاضد قد خرج لتلقيه إلى ظاهر باب الفتوح، ولم يجر بذلك عادة لهم، وكان من أعجب يوم شهده الناس (?)، بل اضطر العاضد إلى مخالفة التقاليد والعرف وقواعد ورسوم الدولة، فمنح صلاح الدين ألقاب وزراء السيوف، إذ خلع عليه، ولقبه الملك الأفضل، وحمل إليه من القصر الألطاف والتحف والهدايا (?)، ثم مافتيء صلاح الدين يعمل على الاستهانة بالخليفة وابتذال مكانته الروحية بين أتباعه وأنصار دولته، فأخذ يستولي على موجوداته وممتلكاته الشخصية وخيوله، بحجة شدة الحاجة إليها في أمور الجهاد، حتى أن الخليفة في آخر الأمر، عرض على صلاح الدين أن يتنازل له عن فرسه الخاص الذي لا يملك غيره، فأجاب صلاح الدين بالاعتذار عن الحاجة (?)، ولا يخفى أن هذا الابتذال المتكرر المتعمد الموجه للخليفة للاستهانة به أمام رعيته كان يهدف أيضاً إلى إجبار الخليفة على الاعتزال، وتجنب الظهور في المناسبات العامة، حتى ينساه المصريون (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015