يقصدون احتلال بلاد الجميع والسيطرة على الجميع، وعلى هذا الأساس فإنه من الأفضل لهم البدء بدمشق التي تعتبر قلب بلاد الشام وأكثر الإمارات الإسلامية فيها مساحة وموارد ولكونها الأضعف عسكرياً، ثم يتم بعد ذلك التحول إلى حلب والرها والموصل وغيرها، فالأمر إذن حرب شاملة لن يسلم منها المراقب عن بعد ظناً منه أن الخطر بعيد عنه، فدوره قادم ولو بعد حين، وإذا كان الأمر كذلك فإن نور الدين بما اشتهر به من سياسة بعيدة النظر، لابد أن يخوض هذه الحرب من بدايتها فدمشق بالنسبة له، كحلب تماماً وهي في الوضع الراهن تشكل الخط الأول للدفاع عن حلب والموصل وباقي بلاد المسلمين ولذلك نراه يحشد جيشه إلى جانب جيش أخيه سيف الدين غازي أمير الموصل بالقرب من حمص وبعلبك لإجراء التنسيق اللازم مع حكام دمشق حول العمل المشترك لمواجهة الغزو الأجنبي، وكان لهذا الحشد الأثر الرئيسي في فشل الهجوم الصليبي على دمشق وقد خرج نور الدين محمود من

هذا الحدث الكبير بدروس مهمة تؤكد قناعاته وتوجهاته السابقة. من هذه الدروس: الأهمية القصوى للوحدة بين الإمارات الإسلامية لمواجهة الخطر الفرنجي وتحرير البلاد من احتلالهم، ثم الأهمية الاستراتيجية لإمارة دمشق في المواجهة مع الفرنجة، وضرورة الاستيلاء عليها بأي ثمن، ومنها وضع التدخل الأوروبي في الصراع مع الإمارات الفرنجية في الاعتبار (?).

4 - موقف رجال الدين المسيحي من الحملة الصليبية الثانية

4 - موقف رجال الدين المسيحي من الحملة الصليبية الثانية: أما عن موقف رجال الدين المسيحي من خروج الحملة الصليبية الثانية إلى الشرق، فإنه لم يكد نبأ سقوط الرها - في يد عماد الدين زنكي سنة 539هـ/1144م يتردد في عواصم غرب أوروبا حتى أثار مخاوفاً وقلقاً شديدين، وأدرك الصليبيون أن ذلك يمثل بداية النهاية لبقية الإمارات الصليبية في الأراضي المقدسة تحتاج مراجعة بالمسؤولين عن إمارة أنطاكية، واستقر الرأي على إرسال وفد إلى البابا يوجنيوس الثالث 540هـ - 548هـ/1145 - 1153م) ليدعو إلى حملة صليبية جديدة فقامت بالفعل في أوروبا حركة كبيرة تدعو بكل حماس إلى سرعة القيام بهذه الحملة لإعادة إمارة الرها إلى المسيحيين وبادر البابا يوجنيوس الثالث بدعوة لويس السابع ملك فرنسا، وكونراد الثالث امبراطور ألمانيا ليتزعما تلك الحملة. وقد رحب لويس السابع بطلب البابا، ودعا أتباعه للاجتماع به للنظر فيما يتخذ من الترتيبات ولما لم يبد هؤلاء أي حماس للاشتراك في هذه الحملة، قرر الملك لويس السابع تأجيل تنفيذ دعوة البابا لمدة ثلاثة شهور، ولجأ إلى أحد أعلام الدين المسيحي في مملكته، وهو القديس برنارد - رئيس دير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015