دمشق (?). ووجه تعبير " نصير أمير المؤمنين " في نقش على جامع بمدينة الرقة يرجع إلى عام 561هـ/1165م (?) وكذلك تعبير " ناصر أمير المؤمنين " في نقش على قلعة حلب (?). وأيضاً في المدرسة النورية بدمشق، يرجع إلى عام 569هـ/1173م وفي قلعة جعبر (?). واستمرت العلاقة السياسية بين الدولة النورية والخلافة العباسية نحو ثلاثين عاماً دون خصومه، بل توطدت باستمرار فأفاد كل طرف من الآخر، ولم تكن لنور الدين تطلعات إلى أملاك الخلافة (?)
وتبلورت العلاقات النورية - العباسية في تحالف سياسي قوي أكده بصورة جلية توجيه الخلافة العباسية للسياسة الخارجية النورية، وهذا ما نجده ممثلاً في إسقاط الخلافة الفاطمية، إذ أرسل المستنجد بالله إلى نور الدين في عام565هـ/1169م يستحثه على الإسراع في القضاء عليها (?)، وقد تكرر ذات الموقف من جانب المستضيء (?)، ثم دعم العباسيون التوسعات النورية (?)، ويلاحظ أن ذلك التحالف بين القوتين كان أمراً ضرورياً، ولم يحدث عشوائياً بل إن بغداد وجدت في سلطان حلب أكبر قوة سياسية مسلمة مجاورة لها يمكن أن تحقق أهدافها، خاصة مع عدم تواجد تطلعات مشرقية له، وأفادت الدولة النورية من ذلك التحالف كما أفاد العباسيون واستمر التحالف بين الجانبين على امتداد نحو الثلاثين عاماً مع تعدد الخلفاء العباسيين وذلك لا يخلو من دلالة هامة، وهي أنه كان حيوياً لهم وأن نورالدين لم يجد منهم ما يجعله ينقض ذلك التحالف بل عمل على دعمه طالما أن الخلافة ساعدته على توسعاته الخارجية، وأنه صار رجل الدولة العباسية في المنطقة (?) كان السعي لوحدة بلاد الشام ومصر أمراً مقرراً في خطط نور الدين وواضحاً في ذهنه منُذ بداية حكمه، بل أن توجهات نور الدين وأفكاره كانت تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد كان هدفه الاستراتيجي الأكبر إقامة الدولة الإسلامية الكبرى التي تعيد للإسلام دوره في هداية البشر وتحقيق الحياة الكريمة لجميع الناس (?)، وحتى يتحقق هذا الهدف فلا بد من تحقيق الهدف الاستراتيجي الأقرب وهو تحرير بلاد الشام من الاحتلال الفرنجي وحتى يتحقق هذا الهدف الثاني لابد من تحقيق هدف ثالث استراتيجي أيضاً وهو توحيد الدول والإمارات الإسلامية المواجهة للفرنجة في دولة واحدة.
هكذا رَّتب نور الدين محمود أهدافه وأخذ