على السير إلى مصر، لانتزاعها من الفاطميين (?). أعداء - أهل السنة - التقليديين - وذلك في وقت كانت فيه مصر في وهن بالغ من جراء سياسة الوزراء العظام الخرقاء ويقرر البعض أن الخليفة المقتفي ووزيره ابن هبيرة أرسل إليه عهداً بتولية مصر وأعمالها في وقت كانت فيه الدولة الفاطمية لا تزال قائمة (?)، ومنطقى أن الخلافة العباسية أدركت. أن سيتطرة نور الدين على حلب ودمشق، تمكنه من تحقيق أهدافها في القضاء على الفاطميين، ومعنى ذلك أن بلاد الشام نفسها كانت ميداناً رحباً لاختيار قدرة الدولة النورية على التغيير السياسي في المنطقة، خاصة في مصر، ولامراء في أن النجاحات النورية هناك أكدت للعباسيين أن تلك الدولة الفتية، بإمكانها أن تحقق طموحات خلفاء بغداد في تقويض حكم زعماء القاهرة (?) ... ومن بعد ذلك استمرت العلاقات السياسية قوية بين الجانبين، واهتبل نور الدين فرصة انتصاره على الصليبيين في عام 552هـ/1157م، فأرسل إلى بغداد تحفاً وهدايا ورؤوس قتلى الصليبيين وأسلحتهم (?)، إشارة إلى تأديته لدوره القتالي ضد أعداء المسلمين لكسب دعم العباسيين، وفي أعقاب الظفر على أعدائه في حارم عام 559هـ/1164م، أرسل إلى الخليفة أخبار انتصاره (?)،
وتكرر ذات الأمر عندما سقوط الخلافة الفاطمية عام 567هـ/1171م (?)، وقد عكس الإنجار الأخير مدى نجاح التحالف النوري - العباسي في تحقيق الإنجازات الكبرى ضد أعداء العباسيين وقد استفاد العباسيون من نور الدين محمود، عندما سعوا إلى إعلام دولته بأخبار تولية الخلفاء الجدد، من أجل الحصول على مبايعته لهم، فعندما تولى المستضيء أرسل إلى نور الدين يخبره بذلك ويطلب مبايعته (?)، وحرص نور الدين على الحصول على تقليد توليه على أملاك مصر والشام وبلاد الجزيرة وتم له ما أراد، فالوضع السابق دل على علاقة الدولة النورية الوثيقة بالعباسيين، وتدعم ذلك من خلال النقوش، إذ وردت على جدران الآثار التي شيدت في عهد الدولة النورية، بعض التعبيرات الدالة على قوة الصلات بين الحليفين، إذ وصف نور الدين في نقش يرجع إلى شوال 543هـ فبراير - مارس 1149م في المدرسة الحلاوية بحلب بأنه " رضى الخلافة " وكذلك وصف بأنه " خليل أمير المؤمنين " من نقش يرجع إلى عام 559هـ - 560هـ/1163 - 1164م على باب شرق من أبواب مدينة