وثلاثون سنة، وكانت مدة خلافته تسع سنين وثلاثة أشهر وسبعة عشر يوماً، وغُسَّل وصُلىَّ عليه من الغد (?)، وكان من خيار الخلفاء أمّاراً بالمعروف نّهاءً عن المنكر، وضع عن الناس المكوساتٍ والضرائب، ودرأ عنهم البدع والمصائب، وكان حليماً وقوراً كريماً، فرحمه الله تعالى وبلَّ ثراه وجعل الجنة مأواه وبويع بالخلافة من بعده لولده الناصر (?). وقد كتب ابن الجوزي كتابه المصباح المضيء في خلافة المستضيء ووجهه إلى الخليفة العباسي المستضيء بأمر الله بهدف التذكير والوعظ والنصيحة باعتباره الشخص الأول في الدولة العباسية (?).

خامسا: تعاون نور الدين محمود مع الخلفاء العباسيين

خامساً: تعاون نور الدين محمود مع الخلفاء العباسيين: خالف نور الدين محمود سياسة والده عماد الدين زنكي بخصوص العلاقة مع الخلافة العباسية، فقد كانت علاقة عماد الدين زنكي بالخلافة العباسية في أغلب سنوات حكمه، ونشبت الحرب بين الطرفين أكثر من مّرة، ولكن نور الدين محمود وطَّد علاقته بالخلافة العباسية منُذ بداية حكمه، وتوثقت هذه العلاقة على مرّ السنين حتى نهاية حكمه، ويرجع الاختلاف في هذه السياسة بين نور الدين محمود ووالده إلى عدة أمور أهمها:

- طبيعة تقاسم السلطة بين نور الدين وأخيه سيف الدين بعد موت والدهما، فقد تولى سيف الدين غازي (الأكبر) حكم الموصل، فورث ما كان لوالده من علاقات مع الخلافة العباسية وسلطنة السلاجقة بسلبياتها وإيجابياتها، بينما تولى نور الدين محمود حكم حلب فورث عن والده الجانب المتعلق بالجهاد ضد الفرنجة الأمر الذي يعتبر مصلحة مشتركة بينه وبين الخلافة العباسية على حد سواء وكان أمر سلاطين السلاجقة قد ضعف خاصة بعد موت السلطان مسعود بن محمد عام 547هـ/1152م وبدأت الخلافة العباسية تستعيد نشاطها في عهد الخليفة بأمر الله (531هـ - 555هـ/1139 - 1160م) (?).

- والأمر الثاني: هو أن نور الدين كان يعتبر الخلافة العباسية رمزاً لوحدة المسلمين التي وضعها على رأس قائمة أهدافه الاستراتيجية وهو يدرك ما للخلافة من أثر في نفوس المسلمين، ولذلك سعى لنيل تأييد الخلافة ليضفي على أعماله العسكرية شرعية دينية تساعده في تحقيق وحدة بلاد الشام ومصر وشمال العراق، وفي تحرير سواحل بلاد الشام من الفرنجة المحتلين. من جهة أخرى كانت الخلافة العباسية ترى في نور الدين محمود الذي اشتهر بحرصه الشديد على تطبيق الشريعة الإسلامية على أصول منهج أهل السنة والجماعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015