قام بتجميع القوى الإسلامية وفق برنامج معين ليجابه بها تزايد الخطر الصليبي الذي لم توقفه المحاولات الجدية التي سبقت زنكي وبخاصة تلك التي تمت على يد كل من مودود بن التونتكين 502هـ- 507هـ وإيلغازي وبلك الأرتقين 518 - 520هـ، وقد مهد عماد الدين زنكي الطريق لقادة التحرير من بعده فلم تكن جهود ابنه نور الدين محمود ومن بعده صلاح الدين الأيوبي سوى اتمام العمل الذي بدأه عماد الدين زنكي وفي نفس الطريق، وبعد استشهاد عماد الدين تولى القيادة ابنه البطل الفذ والمجاهد الشهير نور الدين محمود الشهيد الملك العادل، فذكرت في هذا الكتاب سيرته وترتيبه أوضاع البيت الزنكي مع أخيه، سيف الدين غازي، واتفاقهم على توحيد الكلمة ومناصرة بعضهم البعض ضد الأعداء،
وأصبح سيف الدين غازي أمير الموصل ونور الدين محمود أمير على حلب، وتوسعت في ذكر مفتاح شخصية نور الدين زنكي وشعوره بالمسؤولية وحرصه على تحرير البلاد من الصليبيين وخوفه من محاسبة الله له وشدة إيمانه بالله واليوم الآخر وقد كان هذا الإيمان سبباً في التوازن المدهش والخلاّب في شخصيته، فقد كان على فهم صحيح لحقيقة الإسلام وتعبد الله بتعاليمه، وتميزت شخصيته بمجموعة من الصفات الرفيعة والأخلاق الحميدة والتي ساعدته على تحقيق انجازاته العظيمة والتي من أهمها؛ الجدية، والذكاء المتوقد، والشعوربالمسؤولية، والقدرة على مواجهة المشاكل والأحداث، ونزعته للبناء والأعمار، وقوة الشخصية ومحبته لله ومحبة الناس له والليقة البدنية العالية، وتجرده وزهده الكبير، حتى قال الشاعر فيه:
ثنى يده عن الدنيا عفافاً ... ومال بها عن الأموال زهد
98
وقال فيه آخر:
لازلت تقفوا الصالحين مسابقا ... لُهُم وتَطْلُعُ خلفك الأبرار
نفس السيادة زهد ملك في الذي ... فيه تفانت يَعْربُ ونزار
وتحدثت عن شجاعته التي قال الشاعر فيها:
تبدو الشجاعة من طلاقة وجهه ... كالرّمح دلّ على القساوة لينُهُ
ووراء يقظته أناة مُجرَّب ... لله سطوة بأسه وسُكُونه
وقال آخر:
متهلل والموت في نبراته ... يرُجى ويرهب خوفه وعقابه
وتكلمت عن محبته للجهاد والشهادة، فقد ذكر العماد الأصفهاني فقال: حضرت عند