تنظيف مرقعاتهم بل مشهراتهم، وترجيل لحاهم، غير أنهم يدعون أن أهل المغرب أهل حقيقة لا طريقة، وهم أهل طريقة لا حقيقة، وكفى بهذا الكلام فسادا، إذ لا وصول إلى حقيقة إلا بعد تحصيل الطريقة (?)، وقد قال الإمام المقدم، والصدر المبرز، أبو سليمان الداراني (ض): وإنما حرموا الوصول، وهي الحقيقة، لتضييعهم الأصول، وهي (?) الطريقة، وقد شهدوا على أنفسهم بفراغهم عن الحقيقة، فهي شهادتهم بعينها أنهم على غير طريقة، وهاتان جهالتان منهم وهم لا يشعرون.
...
94 - فصل
ثم قال رحمه الله: والزمان يا ولي، شديد، شيطانه مريد، جباره عنيد، علماء سوء يطلبون ما يأكلون، وأمراء جور يحكمون بما لا يعلمون، وصوفية صوف بأغراض الدنيا موسومون، عظمت الدنيا في قلوبهم فلا يرون فوقها مطلبا، وصغر الحق في أعينهم فأعجلوا عنه هربا، حافظوا على السجادات والمرقعات والمشهرات والعكاكيز، والسبحات المزينات، كالعجائز طغام، صبيان الأحلام، لا علم عن الحرام يردهم، ولا ورع عن الشبهات يصدهم، ولا زهد عن الرغبة في الدنيا يصرفهم، اتخذوا ظاهر الدين شركا للحطام، ولازموا الخوانق في الرباطات رغبة فيما يأتي إليها من حلال وحرام، وسعوا أربانهم، وسمنوا أبدانهم، فوالله ما أراهم إلا كما حدثني غير واحد، وذكر سنده إلى سالم مولى أبي حذيفة (ض) قال: قال رسول الله (ص): ((ليجاءن يوم القيامة بأقوام معهم من الحسنات أمثال جبال تهامة، حتى إذا جيء بهم جعل الله أعمالهم هباء، ثم قذفهم في النار))، فقال سالم: يا رسول الله بأبي أنت وأمي صف لنا هؤلاء القوم حتى نعرفهم، فوالذي بعثك بالحق إني لأخاف أن أكون