قال أويس القرذي (?) لرجل من مراد: يا أخا مراد، إن الموت وذكره لم يترك للمؤمن فرحا، وإن عمله بحقوق الله تعالى لم يترك له في ماله فضة ولا ذهبا، وإن قيامه لله بالحق لم يترك له صديقا، قال: وكل إنسان يقبل النصح من غيره، ويلتذ بسماع معايب الناس، إذا أرسلتها في مجلسك مطلقة من غير تعيين، ويقول لك بأن هذا هو الحق، فإذا قلت: إياك عنيت بهذا الكلام، و ((المؤمن مرآة أخيه)) (?)، وقد رأيت فيك ما أوجب علي أن أقول لك فيه، شمخت النفس، وقالت: سبحان الله، إنما أنا مرآة نفسك، رأيت في، ومثلي من يقال له هذا؟
فأدى نصحنا له في أمر واحد إلى ارتكاب محظورات كثيرة من الكذب والنفاق، وقل يا ولي الله أن تجد اليوم للناصح من صديق، ولقد قلنا في ذلك شعرا:
لما لزمت البحث والتحقيقا ... لم يتركا لي في الأنام صديقا
ولعمر الله ما كذبت، ولا ذكرت إلا ما وجدت، ثم ذكر أمورا بينه وبين المكتوب إليه، وقال إثرها:
فأما أهل زمانك اليوم يا ولي فكما قال الحكيم أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي (?): ضعف ظاهر ودعوى عريضة، فأول ما وصلت إلى هذه البلاد - يعني المشرقية - سألت عن أهل هذه الطريقة المثلى، عسى أن أجد منهم نفحة الرفيق الأعلى، فحملت إلى جماعة جمعتهم خانقات عاليات البناء واسعات الفناء، فنظرت إلى مغزاهم المطلوب، ومنحاهم المرغوب،