الثالث: تعظيم حرمات المسلمين بكف الأذى وحمل الأذى، والإنصاف من نفسك وترك الانتصاف لها، فتتقي أعراضهم، وتبلغ أغراضهم، وتسامحهم فيما لا ينالك ضرره منهم، وقد كان السلف (ض) يكرهون أن يستذلوا، فإذا قدروا عفوا، بل كما قيل:
ارحم بني جميع الخلق كلهم ... وانظر إليهم بعين اللطف والشفقة
وقر كبيرهم وارحم صغيرهم ... وراع في كل خلق حق من خلقه
الرابع: الحذر والاشفاق واتهام النفس في جميع الأحوال، والحكم عليها بالعلم الظاهر المؤيد بحقائق الباطن، فإنها تنقاد للباطن المجرد وللظاهر المجرد (?)، وتحب الإكثار كما تحب الترك، ولا تقبل الوسط إلا بعد مشقة فادحة وجهاد كبير، وهي التي {لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها} (?)، كما قال بعض المشايخ، ويرحم الله القائل في معنى ذلك:
توق نفسك لا تأمن غوائلها ... فالنفس أخبث من سبعين شيطانا
وأما إصلاح المختل، وإدراك الفائت فبالعود إلى ما كنت عليه أولا
من الصفاء والتوبة، ((فما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة)) (?)، ولا يغرنك الشيطان بقوله: أي فائدة لتوبة لا ثبات لها، نظرا إلى حالك الأول، فإنك بين ثبات وموت على إثر توبة، أو غفران الماضي واستئناف عمل، فكما اتخذت الذنب والعود إليه حرفة، فاتخذ التوبة والعود إليها حرفة، عالما أن توبتك تعرض لنفحات رحمتك، وتوبته عليك منة وعناية،