وقد كان بعض مشايخنا يقول: ليتنا لا نخرج من دائرة الفقه، بل ليتنا لا نخرج من دائرة الخلاف.
وكان الشيخ أبو إسحاق الجبيناني (?) (ض)، يقول: اكتسب بالعلم، وكل بالورع، وهي نكتة عجيبة، يخرج بها من الضيق، ويدخل بها في الاحتياط، ثم شك بلا علامة وسوسة، والترجيح عند المعارضة أصل مطلوب، وسواء بالعلم، أو بالبصيرة عند فقد العلم، والرخصة المضطر إليها خارجة مما ذكرنا، لأنه لا ورع عند ضرورة، أصله إباحة الميتة بل وجوبها لمن خاف على نفسه التلف، وبالله سبحانه التوفيق.
...
66 - فصل
في التحصن مما ذكر من الآفات وإصلاح المختل بإدراك ما فات
أما التحصن مما ذكر، فبأمور أربعة:
أولها: إيثار الأولى في كل شيء، دينا ومروءة، فإن المريد إذا فارق الأولى وقع في دناءة أو زلة أو عيب أو علة، فكان مذموما عند الله، ممقوتا عند أبناء الدنيا، قريبا من كل آفة، بعيدا من السلامة، والله أعلم.
الثاني: حفظه حرمة الربوبية، بالوفاء والعزم، والأخذ بالحزم، والوقوف على حد العلم، فإذا عقدت مع الله عقدا إياك أن تحله إلا أن يحله عليك الشرع بوجه لا خلاف فيه ولا تردد، وإذا عزمت مع الله تعالى في شيء فلا تتوقف حتى تمضيه، ولا تؤخر طاعة وقت لوقت فتعاقب بقوتها أو بقوت مثلها، ولا تقدم على أمر حتى تعلم حكم الله فيه جملة وتفصيلا، فإن من لم يحفظ الحرمة فقد أعان الشيطان على نفسه.