فتعرض لنفحات رحمته أبدا، لعل العناية تواجهك يوما ما، وقدر أنك لم تقع في الذنب غير هذه المرة، ثم استأنف يستأنف لك، وفي معنى ذلك قيل على لسان الحقيقة:
يا غافلا قد كنت عاهدتنا ... ومن بعد هذا قد نسيت الوداد
شمر من اليوم ودع ما مضى ... وكن فقيرا ما مضى ما يعاد
وقد قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي (ض): تدري ما علاج من انقطع عن المعاملات، ولم يتحقق بحقائق المواصلات؟ علاجه أربع:
طرح النفس على الله طرحا لا يصحبه الحول والقوة، والتسليم لأمر الله تسليما لا يصحبه الاختيار مع الله، هذان علاجان باطنان، وفي الظواهر: ازم الجوارح عن المخالفات، والقيام بحقوق الواجبات، ثم تقعد على بساط الذكر بالانقطاع إلى الله عز وجل عن كل ما سواه، لقوله تعالى: {واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا} (?).
وقال (ض): موت النفس بالعلم والمعرفة، والاقتداء بالكتاب والسنة، وإن أردت جهاد النفس فاحكم عليها بالعلم في كل حركة، واضربها بالخوف عند كل فترة، واسجنها في قبضة الله أين ما كنت، واشك عجزك إلى الله تعالى كلما غفلت، وهي التي: {لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها}، فإن سخرت لك في قضية فجدير بأن تذكروا نعمة ربكم {وتقولوا سبحن الذيي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} (?).
وقال (ض) بعد كلام في تصحيح العبودية:
ومن أخلد إلى أرض الشهوات واتباع الهوى، ولم تساعده نفسه على التحلي، وغلب عن التخلي فعبوديته عن أمرين:
أحدهما: معرفة النعمة من الله تعالى فيما وهبه من الإيمان والتوحيد،