وقد روى الترمذى فى جامعه من حديث ابى ذر عن النبى قال: "الزهادة فى الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعته ولكن الزهادة فى الدنيا أن لا تكون بما فى يديك أوثق بما فى يد الله وأن تكون فى ثواب المصيبة إذا أنت اصبت بها أرغب فى ثوابها لو أنها بقيت لك".

وسئل الإمام أحمد عن الرجل يكون معه ألف دينار وهل يكون زاهدا قال نعم بشرط أن لا يفرح إذا زادت ولا يحزن إذا نقصت وقال بعض السلف الزاهد من لا يغلب الحلال شكره ولا الحرام صبره وهذا من أحسن الحدود حقيقة مركبة من الصبر والشكر فلا يستحق اسم الزاهد من لا يتصف بهما فمن غلب شكره لما وسع عليه من الحلال وصبره لما عرض له من الحرام فهو الزاهد على الحقيقة بخلاف من غلب عليه الحلال شكره والحرام صبره فكان شكره وصبره مغلوبين فإن هذا ليس بزاهد

وسمعت شيخ الاسلام يقول الزهد تركك مالا ينفعك والورع تركك ما يضرك فالزهد فراغ القلب من الدنيا لافراغ اليدين منها ويقابله الشح والحرص وهو ثلاثة أقسام زهد فى الحرام وزهد فى الشبهات والمكروهات وزهد فى الفضلات فالاول فرض والثانى فضل والثالث متوسط بينهما بحسب درجة الشبهة وان قويت التحق بالاول والا فبالثالث وقد يكون الثالث واجبا بمعنى انه لا بد منه وذلك لمن شمر الى الله والدار الآخرة فزهد الفضلة يكون ضرورة فإن إرادة الدنيا قادحة فى إرادة الآخرة ولا يصح للعبد مقام الارادة حتى يفرد طلبه وارادته ومطلوبه فلا ينقسم المطلوب ولا الطلب

أما توحيد المطلوب أن لا يتعلق طلبه وارادته بغير الله وما يقرب اليه ويدنى منه وأما توحيده فى الطلب أن يستأصل الطلب والارادة نوازع الشهوات وجواذب الهوى وتسكن الارادة فى أقطار النفس فتملأها فلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015