قال على بن أبى رباح اللخمى: كنت عند مسلمة بن مخلد الأنصارى وهو يومئذ على مصر وعبد الله بن عمرو بن العاص جالس معه فتمثل مسلمة ببيت من شعر أبى طالب فقال لو أن ابا طالب رأى ما نحن فيه اليوم من نعمة الله وكرامته لعلم أن ابن أخيه سيد قد جاء بخير فقال عبد الله بن عمرو ويومئذ كان سيدا كريما قد جاء بخير فقال مسلمة ألم يقل الله تعالى {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} فقال عبد الله بن عمرو أما اليتيم فقد كان يتيما من أبويه وأما لعيلة فكل ما كان بأيدى العرب الى القله يقول إن العرب كانت كلها مقلة حتى فتح الله عليه وعلى العرب الذين اسلموا ودخلوا فى دين الله أفواجا ثم توفاه الله قبل أن يتلبس منها بشئ ومضى وتركها وحذر منها ومن فتنتها قال وذلك معنى قوله {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} فلم تكن الدنيا لترضيه وهو لا يرضاها كلها لأمته وهو يحذر منها وتعرض عليه فيأباها وانما هو ما يعطيه من الثواب وما يفتح عليه وعلى أمته من ملك كسرى وقيصر ودخول الناس فى الاسلام وظهور الدين إذا كان ذلك محبته ورضاه صلوات الله وسلامه عليه
وروى سفيان الثورى عن الاوزاعى عن اسماعيل بن عبد الله بن عباس عن النبى قال: "رأيت ما هو مفتوح بعدى كفرا كفرا فسرنى ذلك فنزلت والضحى والليل الى قوله ولسوف يعطيك ربك فترضى" قال اعطى ألف قصر من لؤلؤ ترابها المسك فى كل قصر ما ينبغى له
قالوا وما ذكرتم من الزهد فىالدنيا والتقلل منها فالزهد لا ينافى الغنى بل زهد الغنى أكمل من زهد الفقير فإن الغنى زهد عن قدرة والفقير عن عجز وبينهما بعد بعيد وقد كان رسول الله فى حال غناه أزهد الخلق وكذلك ابراهيم الخليل كان كثير المال وهو أزهد الناس فى الدنيا.