15- حمايتهم ونصرتهم لصالحي العباد وتفريج كربهم:
وقد يرسلهم الله لحماية بعض عباده الصالحين من غير الأنبياء والمرسلين، وقد يكون من هذا ما حصل لرجل ذكر ابن كثير خبره. ففي تفسير ابن كثير عند قوله تعالى: (أمَّن يجيب المضطرَّ إذا دعاهُ) [النمل: 62] قال:
ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة رجل حكى عنه أبو بكر محمد بن داود الدينوري المعروف بالدقي الصوفي، قال هذا الرجل: (كنت أكاري على بغل لي من دمشق إلى بلد الزبداني، فركب معي ذات مرة رجل، فمررنا على بعض الطريق على طريق غير مسلوكة، فقال لي: خذ في هذه فإنها أقرب، فقلت: لا خيرة لي فيها، فقال: بل هي أقرب، فسلكناها.
فانتهينا إلى مكان وعر، وواد عميق، وفيه قتلى كثيرة، فقال لي: أمسك رأس البغل، حتى أنزل، فنزل وتشمر وجمع عليه ثيابه، وسلّ سكيناً معه وقصدني، ففررت من بين يديه وتبعني، فناشدته الله، وقلت: خذ البغل بما عليه، فقال: هو لي؛ وإنما أريد قتلك، فخوفته الله والعقوبة، فلم يقبل.
فاستسلمت بين يديه، وقلت: إني أريد أن تتركني حتى أصلي ركعتين، فقال: عجّل، فقمت أصلي، فأُرتِج عليَّ القرآن، فلم يحضرني منه حرف واحد، فبقيت واقفاً متحيراً، وهو يقول: هيه، افرغ، فأجرى الله على لساني قوله: (أمَّن يجيب المضطر إذا دعاهُ ويكشف السوء) [النمل: 62] ، فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي وبيده حربة، فرمى بها الرجل، فما أخطأت فؤاده، فخرّ صريعاً، فتعلقت بالفارس، وقلت: بالله من أنت؟ فقال: أنا رسول الذي يجيب المضطر، إذا دعاه، ويكشف السوء. قال: فأخذت البغل والحمل، ورجعت سالما ".
ومن ذلك إرسال الله جبريل لإغاثة أم إسماعيل في مكة، ففي صحيح البخاري