وقد سمع أحد المقاتلين من المسلمين صوت ضربة ملك، ضرب بها أحد الكفار، وصوته وهو يزجر فرسه، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: (بينما رجل من المسلمين يومئذٍ يشتدّ في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه، فخرّ مستلقياً، فنظر إليه، فإذا هو قد خُطم أنفه، وشقّ وجهه، كضربة السوط، فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري، فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة) (?) .

وقد حاربت الملائكة في مواقع أخر؛ ففي غزوة الخندق أرسل الله ملائكته: (يا أيها الَّذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها) [الأحزاب: 9] ، والمراد بالجنود التي لم يروها الملائكة، كما ثبت في الصحاح وفي غيرها: (أن جبريل جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الخندق وقد وضع سلاحه واغتسل، فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، أخرج إليهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فأين؟ فأشار إلى بني قريظة) (?) .

وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: " كأني أنظر إلى الغبار ساطعاً في زقاق بني غنم، موكب جبريل حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة " (?) .

14- حمايتهم للرسول صلى الله عليه وسلم:

روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته، أو لأعفرنّ وجهه في التراب.

قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهويصلي، زعم ليطأ على رقبته. قال: فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبه، ويتقي بيديه، قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار، وهولاً وأجنحة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً) (?) .

ورواه البخاري بأخصر من رواية مسلم هذه، في كتاب التفسير (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015