أهل السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي هؤلاء جاؤوني شعثاً غبراً) . إسناده صحيح، رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم، والبيهقي في السنن (?) .
والذين فضلوا الملائكة احتجوا بمثل حديث: (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم) .
واحتجوا بأن بني آدم فيهم النقص والقصور، وتقع منهم الزلات والهفوات، واحتجوا بمثل قوله تعالى: (ولا أقول لكم إِنِّي ملك) [الأنعام: 50] . وهذا يدل على فضل الملائكة على البشر.
تحقيق القول في ذلك:
وتحقيق القول في ذلك ما ذكره ابن تيمية من أن صالحي البشر أفضل باعتبار كمال النهاية، وذلك إنما يكون إذا دخلوا الجنة، ونالوا الزلفى، وسكنوا الدرجات العلا، وحياهم الرحمن، وخصهم بمزيد قربه، وتجلى لهم، يستمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم، وقامت الملائكة في خدمتهم بإذن ربهم.
والملائكة أفضل باعتبار البداية، فإن الملائكة الآن في الرفيق الأعلى، منزهون عمّا يلابسه بنو آدم، مستغرقون في عبادة الرب، ولا ريب أن هذه الأحوال الآن أكمل من أحوال البشر.
قال ابن القيم: وبهذا التفصيل يتبين سرّ التفضيل، وتتفق أدلة الفريقين، ويصالح كل منهم على حقه (?) . والله أعلم بالصواب.