ويرى الدكتور أن الروحيين لا يعْدِمون في مثل هذا الجو المظلم قوالب علمية يصبون فيها حيلهم.

والتدليس على الناس بالحيل طريقة قديمة معروفة، يضلّ بها شياطين الإنس عباد الله، يطلبون الوجاهة عند الناس، كما يطلبون مالهم، فقد ذكر ابن تيمية (?) عن فرقة في عصره كانت تسمى (البطائحية) : أنهم كانوا يدّعون علم الغيب والمكاشفة، كما يدعون أنهم يرون الناس رجال الغيب، ثم كشف شيئاً من دجلهم، فقد كانوا يرسلون بعض النساء إلى بعض البيوت يستخبرون عن أحوال أهلها الباطنة، ثم يكاشفون صاحب البيت بما علموه، زاعمين أن هذا من الأمور التي اختصوا بالاطلاع عليها.

ووعدوا رجلاً - كانوا يمنونه بالملك - أن يروه رجال الغيب، فصنعوا خشباً طوالاً، وجعلوا عليها من يمشي كهيئة الذي يلعب بأكر الزجاج، فجعلوا يمشون على جبل المزة، وذلك المخدوع ينظر من بعيد، فيرى قوماً يطوفون على جبل، وهم يرتفعون عن الأرض، وأخذوا منه مالاً كثيراً، ثم انكشف له أمرهم.

ودلسوا على آخر كان يدعى (قفجق) ، إذ أدخلوا رجلاً في القبر يتكلم، وأوهموه أن الموتى تتكلم؛ وأتوا به إلى مقابر باب الصغير إلى رجل زعموا أنه الشعراني الذي بجبل لبنان، ولم يقربوه منه، بل من بعيد، لتعود عليه بركته، وقالوا: إنه طلب منه جملة من المال، فقال (قفجق) : الشيخ يكاشف وهو يعلم أن خزائني ليس فيها هذا كله، وتقرب قفجق، وجذب الشعر، فانقلع الجلد الذي ألصقوه على جلده من جلد الماعز.

وقد بين الدكتور محمد محمد حسين أن الوسيط - وهو شخص يزعم أهل هذا المذهب الروحيون أن فيه استعداداً فطرياً يؤهله لأن يكون أداة يجري عن طريقها التواصل - غالباً ما يكون دجالاً كبيراً، وغشاشاً مدلساً، وبين كيف أن كثيراً من هؤلاء الوسطاء لا يكون على خلق ولا دين، بل إن الروحانيين لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015