أن خوفهم وحذرهم يكون أشد.

3- جعله الله عبرة لمن اعتبر:

ومنها أن الله جعله عبرة لمن خالف أمره، وتكبر عن طاعته، وأصرّ على معصيته، كما جعل ذنب أبي البشر عبرة لمن ارتكب نهيه، أو عصى أمره، ثم تاب وندم ورجع إلى ربه، فابتلى أبوي الجن والإنس بالذنب، وجعل هذا الأب عبرة لمن أصرّ وأقام على ذنبه، وهذا الأب عبرة إن تاب ورجع إلى ربه، فلله كم في ضمن ذلك من الحكم الباهرة، والآيات الظاهرة.

4- جعله فتنة واختباراً لعباده:

ومنها أنّه محك امتحن الله به خلقه، ليتبين به خبيثهم من طيبهم، فإنه - سبحانه - خلق النوع الإنساني من الأرض، وفيها السهل والحزن، والطيب والخبيث، فلا بد أن يظهر ما كان في مادتهم، ففي الحديث عن أبي موسى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جمع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأحمر والأبيض والأسود، والسهل والحزن، والطيب والخبيث) . رواه أحمد والترمذي وأبو داود (?) .

فما كان في المادة الأصلية فهو كائن في المخلوق منها، فاقتضت الحكمة الإلهية إخراجه وظهوره، فلا بدّ إذاً من سبب يظهر ذلك، وكان إبليس محكّاً يميز به الطيب من الخبيث، كما جعل أنبياءه ورسله محكّاً لذلك التمييز، قال تعالى: (مَّا كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتَّى يميز الخبيث من الطَّيب) [آل عمران: 179] ، فأرسل رسله إلى المكلفين، وفيهم الطيب والخبيث، فانضاف الطيب إلى الطيب، والخبيث إلى الخبيث.

واقتضت حكمته البالغة أن خلطهم في دار الامتحان، فإذا صاروا إلى دار القرار يميز بينهم، وجعل لهؤلاء داراً على حدة، ولهؤلاء داراً على حدة، حكمة بالغة، وقدرة باهرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015