كيف تصنع بالشيطان إذ سوّل لك الخطايا؟
حكي عن أحد علماء السلف أنه قال لتلميذه: " ما تصنع بالشيطان إذا سوّل لك الخطايا؟ قال: أجاهده. قال: فإن عاد؟ قال: أجاهده. قال: فإن عاد؟ قال: أجاهده.
قال هذا يطول، أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها، أو منعك من العبور ما تصنع؟ قال: أكابده جهدي وأرده. قال: هذا أمر يطول، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفّه عنك " (?) .
وهذا فقه عظيم من هذا العالم الجليل، فإن الاحتماء بالله، والالتجاء إليه، هو السبيل القوي الذي يطرد الشيطان ويبعده، وهذا ما فعلته أم مريم إذ قالت: (وإني أعيذها بك وذريتها من الشَّيطان الرَّجيم) [آل عمران: 36] .
لماذا لا يذهب الشيطان عندما يستعيذ منه الإنسان؟
يقول بعض الناس: إننا نستعيذ بالله، ومع ذلك فإننا نحس بالشيطان يوسوس لنا، ويحرضنا على الشر، ويشغلنا في صلاتنا.
والجواب: أن الاستعاذة كالسيف في يد المقاتل، فإن كانت يده قوية، أصاب من عدوه مقتلاً، وإلا فإنه قد لا يؤثر فيه، ولو كان السيف صقيلاً حديداً.
وكذلك الاستعاذة إذا كانت من تقيّ ورع كانت ناراً تحرق الشيطان، وإذا كانت من مخلط ضعيف الإيمان فلا تؤثر في العدو تأثيراً قوياً.
قال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله: " واعلم أن مثل إبليس مع المتقي والمخلط، كرجل جالس بين يديه طعام ولحم، فمرّ به كلب، فقال له: اخسأ، فذهب. فمرّ بآخر بين يديه طعام ولحم فكلّما أخسأه (طرده) لم يبرح. فالأول مثل المتقي يمر به الشيطان، فيكفيه في طرده الذكر، والثاني مثل المخلط لا يفارقه الشيطان لمكان تخليطه، نعوذ بالله من الشيطان " (?) .
فعلى المسلم الذي يريد النجاة من الشيطان وأحابيله أن يشتغل بتقوية إيمانه،