بها وقال له: (ولا تأتيني بعظم ولا روثة) ، ولما سأل أبو هريرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك عن سرّ نهيه عن العظم والروثة، قال: (هما من طعام الجن، وإنّه أتاني وفد جن نصيبين - ونعم الجن - فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم: أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعماً) (?) .
وفي سنن الترمذي بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تستنجوا بالروث، ولا بالعظام، فإنّه زاد إخوانكم من الجن) (?) .
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتاني داعي الجن، فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن) ، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد فقال: (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم، أوفر ما يكون لحماً، وكل بعرة علفٌ لدوابكم) . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم) (?) .
وكون الروث طعاماً للجن أو لدوابهم ليس العلة الوحيدة للنهي عن الاستنجاء بالروث، فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم علة أخرى، فقد صرح بأن الروث رجس (?) .
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّ الشيطان يأكل بشماله، وأمرنا بمخالفته في ذلك، روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أكل فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله) (?) .
وفي صحيح مسلم: (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء) (?) . ففي هذه النصوص دلالة قاطعة على أن الشياطين تأكل وتشرب.
وكما أن الإنس منهيون عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه من اللحوم،