هذه الثانية منفذاً انصرف إلى ما قابله من الجسم، وإن كان صالح غلام أبي إسحاق النظام خالف في الإدراك فهو قول ساقط لم يوافقه عليه أحد.

ولو لم يكن من فضل العين إلا أن جوهرها ارفع الجواهر وأعلاها مكاناً، لأنها نورية لا تدرك الألوان بسواها، ولا شيء أبعد مرمى ولا أنأى غاية منها، لأنها تدرك بها أجرام الكواكب التي في الأفلاك البعيدة، وترى بها السماء على شدة ارتفاعها وبعدها، وليس ذلك إلا لاتصالها في طبع خلقتها بهذه المرآة، فهي تدركها وتصل إليها بالطفر، لا على قطع الأماكن والحلول في المواضع وتنقل الحركات، وليس هذا لشيء من الحواس مثل الذوق واللمس، لا يدركان إلا بالمجاورة، والسمع والشم، لا يدركان إلا من قريب.

ودليل على ما ذكرناه من الطفر أنك ترى المصوت قبل سماع الصوت، وإن تعمدت إدراكهما معاً، ولو كان إدراكهما واحداً لما تقدمت العين السمع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015