بسرعة شاهد المنع، وترعيد الحدقتين من وسط العينين نهي عام، وسائر ذلك لا يدرك إلا بالمشاهدة.
واعلم أن العين تنوب عن الرسل، ويدرك بها المراد، والحواس الأربع أبواب إلى القلب ومنافذ نحو النفس، والعين أبلغها وأصحها دلالة وأوعارها عملاً.
وهي رائد النفس الصادق، ودليلها الهادي، ومرآتها المجلوة التي بها تقف على الحقائق وتميز الصفات وتفهم المحسوسات.
وقد قيل: ليس المخبر كالمعاين، وقد ذكر ذلك افليمون صاحب الفراسة وجعلها معتمدة في الحكم.
وبحسبك من قوة إدراك العين أنها إذا لاقى شعاعها شيئاً ما مجلواً صافياً، إما حديداً مصقولاً أو زجاجاً أو ماء أو بعض الحجارة الصافية أو سائر الأشياء المجلوة البراقة ذوات الرفيف والبصيص واللمعان يتصل أقصى حدوده بجسم كثيف ساتر مناع كدر، انعكس شعاعها فأدرك الناظر نفسه ومازها عياناً.
وهو الذي ترى في المرآة، فأنت حينئذ كالناظر إليك بعين غيرك.
ودليل عيان على هذا انك تأخذ مرآتين كبيرتين فتمسك إحداهما بيمينك خلف رأسك والثانية بيسارك قبالة وجهك ثم تزويها قليلاً حتى يلتقيا بالمقابلة، فإنك ترى قفاك وكل ما وراءك، وذلك لانعكاس ضوء العين إلى ضوء المرآة التي خلفك، إذ لم تجد منفذاً في التي بين يديك، ولما لم يجد وراء