ثم يتلو ذلك إذا امتزجا: المراسلة بالكتب.
وللكتب آفات، ولقد رأيت أهل هذا الشان يبادرون لقطع الكتب ولحلها في الماء وبمحو أثرها، فرب فضيحة كانت بسبب كتاب، وفي ذلك أقول: [من الطويل] عزيز علي اليوم قطع كتابكم ... ولكنه لم يلف للود قاطع فآثرت أن يبقى وداد ويمتحي ... مداد فإن الفرع للأصل تابع فكم من كتاب فيه ميتة ربه ... ولم يدره إذ نمقته الأصابع وينبغي أن يكون شكل الكتاب ألطف الأشكال، وجنسه أملح الأجناس؛ ولعمري إن الكتاب للسان في بعض الأحايين، إما لحصر في الإنسان وإما لحياء وإما لهيبة.
نعم، حتى إن لوصول الكتاب إلى المحبوب وعلم المحب أنه قد وقع بيده ورآه للذة يجدها المحب عجيبة تقوم مقام الرؤية، وإن لرد الجواب والنظر إليه سروراً يعدل اللقاء، ولهذا ما ترى العاشق يضع الكتاب على يمينه وقلبه ويعانقه.
ولعهدي ببعض أهل المحبة، ممن كان يتحرى ما يقول