إن الذين يريدون أن يجعلوا وسائل الدعوة توقيفة يريدون -من حيث يشعرون أو لا يشعرون- أن تتوقف الدعوة!.

إنهم بهذا الفهم يعارضون دليل الشرع!.

كما أنهم يعارضون سنة الله الكونيّة، فيُعارضون سنة الله المتجددة المطّردة في الخَلْق.

إنهم يعارضون الفطرة التي فطر الله عليها عباده، من الرغبة في مواكبة الجديد والتطور، حتى إن النفوس تميل مع الجديد غالباً، فتحب أن تطّلع عليه، وأن تجارِيَهُ في كثيرٍ مِن الأحيان، ولو كان مُضِرّاً أو مشتملاً على شيء من الضرر. لكن الشرع جاء بالميزان الصحيح؛ فلم يُحَرِّم هذه الفطرة، ولم يُلْغها، كما أنه لم يَنْسَقْ معها، ولم يجعلها وحدها هي الدليل على حكم الشرع.

- إن الذين يزعمون بأن وسائل الدعوة توقيفية، يُشارِكون، مِن حيث لا يشعرون، في هزيمة الدعوة، وفي القعود بها عن التأثير المطلوب أن يكون على مستوى العصر، وعلى مستوى إمكانات العصر، وعلى مستوى ما جعله الله تعالى مِن جديدٍ مفيدٍ في باب الوسائل يُسْرِع بالداعية إلى التأثير السريع والفعال في المدعوّ، فيوفّر عليه في الوقت والجهد، وبه يتحقق له الهدف والنتيجة المطلوبة.

- إن هؤلاء الذين يزعمون بأن وسائل الدعوة توقيفية يُضْعِفون الدعوة أمام الدعوات إلى الأديان والمبادئ الأخرى، التي اسْتَخْدَمَتْ مستجداتِ العصر في عالم الاتصال؛ فَنَفَذَتْ بباطلها إلى القلوب والعقول.

وهذه الملاحظات، كلها، تجتمع في هذا الرأي المُحَجِّرِ واسعاً، ومع ذلك يَتَّجه إليه البعض، بدعوى تحكيم الكتاب والسنّة، على الرغم مِن أنه تَبيّن أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015