قد جاء عن بعض السلف أقوال في ذمّ الرأي، ويبدو من ظاهِر تلك الأقوال عنهم ذمُّ الرأي مطلقاً. وليس الأمر كذلك؛ إذْ لو كان هذا صحيحاً وكان هذا هو مرادهم من ذمّ الرأي، لكان معناه قفْلَ باب الاجتهاد، وإلغاء إعمال العقل. والأدلةُ الشرعية قائمة على عكس هذا!
وإنما مرادهم من ذلك، والله أعلم، ذمه في حال الاقتصار عليه، أو ترجيح كفته على النقل الثابت؛ ويتحدد وجْه ذمهم للرأي فيما يلي:
1- ذمّ الرأي إن كان مخالفاً للكتاب والسّنَّة.
2- أو ذمّ الرأي في أمر مخصوص، وهو:
أ- في حال استخدامه في القول على الله بغير علم.
ب- في حال استخدامه للزيادة والنقص في الدين.
هذا هو توجيه كلامهم، رحمهم الله تعالى، على ما تقتضيه النصوص، ولو صح -فرَضاً- عن أحدٍ من السلف النهيُ عن استخدام العقل مطلقاً، لوجب علينا ردُّه والأخذ بحُكم نصوص الكتاب والسّنَّة المؤكِّدة على استخدام الرأي والعقل!
لقد دلت أدلة الكتاب والسنّة على وجوب التسليم للحق، والصدق، وعلى قبول الخبر الثابت عن الله ورسوله، وعلى وجوب إعمال العقل والأخذ بمقتضى حكم ذلك، وهذه كلها، في الجملة، يَعْتمِد الأخذ بها