ينبغي التأكيد على ملحوظة هامّة في باب الدعوة إلى الأخذ بحُكم العقل والنقل، وهي: إن المراد بالدعوة إلى الأخذ بحكم العقل هو: إعمال العقل في موضعه المأذون له شرعاً بالعمل فيه.
ومعنى ذلك أننا لا نُعْمل العقل في ما لا مجال له فيه إلا بالتسليم، ولا قُدْرة له فيه إلا التلقّي، وهو أمران:
- مجال الغيب؛ "لأن الواجب فيه التسليم لما ثبت منه عن الله ورسوله بأي درجةٍ من درجات الثبوت وفق منهج المحدثين".
- ما لا يُعْلم إلا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم. "ويثبت بأي درجة من درجات الثبوت، كذلك، وفق منهج المحدِّثين".
- ويلتحق بهذين نظرُ العقل حينما يزيغ بسببٍ عارضٍ محرّم، كما لو تأثر العقل بالهوى مثلاً. وإن كان نظرُ العقل بالهوى قد يصادف الحق من حيث لا يريده؛ فيكون الحق عندئذٍ مقبولاً، وتصرُّف العقل مردوداً، لكنه قد يبقى عندئذٍ غيباً بالنسبة للآخرين ما لم تدل عليه قرائن.