وشركهم علواً كبيراً. والمنزلة بين المنزلتين التى مضمونها إيجاب [الخلود فى النار] للمسلم المبالغ فى طاعة ربه الذى أفنى عمره فى عبادته وطاعته ومات مصراً على كبيرة واحدة، تعالى الله عما نسبوه إليه من ذلك وجل عن هذا الافتراءِ. والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الذى مضمونه الخروج على أئمة الجور بالسيف، وخلع اليد من طاعتهم، ومفارقة جماعة المسلمين. والأصل

الخامس: النبوة مع أنهم لم يوفوها حقها، بل هضموها غاية الهضم من وجوه كثيرة ليس هذا موضعها.

والمقصود أن مذهبهم تخليد هذه الطبقة فى النار، وإن لم يسموهم كفاراً، فوافقوا الخوارج فى الحكم وخالفوهم فى الاسم.

ولهذا تسمى هذه المسألة من مسائل الأسماء والأحكام. فهذه ثلاث فرق أوجبت لهذه الطائفة الخلود فى النار وقالت المرجئة على اختلاف آرائهم: لا يدرى ما يفعل الله بهم فيجوز أن يعذبهم كلهم، وأن يعفو عنهم كلهم، وأن يعذب بعضهم ويعفو عن بعضهم، غير أنهم لا يخلد أحد منهم فى النار فجوزوا

أن يلحق بعضهم بمن ترجحت حسناته على سيئاته، بل جوزوا أن يرفع عليه فى الدرجة. فهم موكلون عندهم إلى محض المشيئة لا يدرى ما يفعل الله بهم، بل يرجأُ أمرهم إلى الله وحكمه، وهذا قول كثير من المتكلمين والفقهاء والصوفية وغيرهم.

فهذه الأقوال [هى] التى يعرفها أكثر الناس، ولا يحكى أهل الكلام غيرها، وقول الصحابة والتابعين وأئمة الحديث لا [يعرفونه] ولا يحكونه [وهو] الذى ذكرناه عن ابن عباس وحذيفة وابن مسعود [رضى الله عنهم] أن من ترجحت سيئاته بواحدة دخل النار.

وهؤلاء هم القسم الذين جاءَت فيهم الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم يدخلون النار فيكونون فيها على مقدار أعمالهم: فمنهم من تأْخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى أنصاف ساقيه، ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه ويلبثون فيها على قدر أعمالهم، ثم يخرجون منها، فينبتون على [أنهار] الجنة: فيفيض عليهم أهل الجنة من الماءِ حتى تنبت أجسادهم، ثم يدخلون الجنة. وهم الطبقة الذين يخرجون من النار بشفاعة الشافعين، وهم الذين يأْمر الله سيد الشفعاءِ مراراً أن يخرجهم من النار بما معهم من الإيمان.

وإخبار النبى صلى الله عليه وسلم أنهم يكونون فيها على قدر أعمالهم مع قوله تعالى: {بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43] [النحل:32، الزخرف 72، الطور:19 السجدة:14، المرسلات:43] ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015