"الصلوات الخمس ورمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة مكفرات لما بينهن ما لم تغش كبيرة"، فإن غشى أهل هذه الطبقة كبيرة وتابوا منها توبة نصوحاً لم يخرجوا من طبقتهم [وكانوا] بمنزلة من لا ذنب له.

فتكفير الصغائر يقع بشيئين: أحدهما: الحسنات الماحية، والثانى: اجتناب الكبائر. وقد نص عليها سبحانه وتعالى فى كتابه فقال تعالى:

{وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِى النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِن الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] ، وقال تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنهُونَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء:31] .

الطبقة العاشرة: طبقة قوم أسرفوا على أنفسهم، وغشوا كبائر ما نهى الله عنه ولكن رزقهم الله التوبة النصوح قبل الموت، فماتوا على توبة صحيحة. فهؤلاءِ [ناجون من عذاب الله إما قطعا عند قوم وإما ظنا ورجاء عند آخرين وهم] موكولون إلى المشيئة، ولكن نصوص القرآن والسنة تدل على نجاتهم وقبول توبتهم، وهو وعد وعدهم الله إياه، والله لا يخلف الميعاد. فإن قيل: فما الفرق بين أهل هذه الطبقة والتى قبلها؟ فإن الله إذا كفر عنهم سيئاتهم، وأثبت لهم بكل سيئة حسنة كانوا كمن قبلهم أو أرجح؟ قيل: قد تقدم الكلام على هذه المسألة بما فيه كفاية، فعليك بمعاودته هناك. وكيف يستوى عند الله من أنفق عمره فى طاعته ولم يغش كبيرة، ومن لم يدع كبيرة إلا ارتكبها وفرط فى أوامره، ثم تاب؟ فهذا غايته أن تمحى سيئاته ويكون لا له ولا عليه. وأما أن يكون هو ومن قبله سواءً أو أرجح منه فكلا.

الطبقة الحادية عشرة: طبقة أقوام خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً: فعملوا حسنات وكبائر، ولقوا الله مصرّين عليها غير تائبين منها، لكن حسناتهم أغلب من سيئاتهم، فإذا وزنت بها رجحت كفة الحسنات، فهؤلاءِ أيضاً ناجون فائزون قال تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَق فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الذِينَ خَسِرُوا أنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُون} [الأعراف: 8- 9] .

قال حذيفة وعبد الله بن مسعود وغيرهما من الصحابة: يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: فمن رجحت حسناته على سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015