بالشك. والمعافى من عافاه الله من هذا وهذا. فنسأل الله عافيته ومعافاته.

[الوجه السادس] قوله: "إن عذاب الكافرين إنما كان شديداً لأنهم لا يشاهدون المعذب لهم، والمؤمنون يشاهدونه فلم يكن عذابهم شديداً" وليس كذلك، فإن عذاب الكافرين شديد فى نفسه لغلظ جرمهم وهو الكفر، وهو دائم لا انقطاع له. وأما المؤمنون الذين يعذبون بذنوبهم فعذابهم أضعف من عذاب الكافرين، لأن عذابهم على الذنوب وهى دون الكفر، وهو منقطع.

والآية لم يرد بها إثبات عذاب المؤمنين دون عذاب الكافرين، وإنما سيقت لبيان عذاب الكافرين حسب مفهومها نفى العذاب عن المؤمنين، لا إثبات عذاب غير شديد. والله أعلم.

[الوجه السابع] قوله: "وللخواص الهيبة، وهى أقصى درجة يشار إليها فى غاية الخوف، والخوف يزول بالأمن وينتهى به خوف الشخص على نفسه من العقاب، فإذا أمن العقاب زال الخوف، والهيبة لا تزول أبداً لأنها مستحقة للرب بوصف التعظيم والإجلال، وذلك الوصف مستحق على الدوام.

وهذه المعارضة والهيبة تعارض المكاشف أوقات المناجاة، وتصدم المشاهد أحيان المشاهدة وتعصم العائن بصدمة العزة، ومنه قال قائلهم:

أشتاقه، فإذا بدا ... أطرقت من إجلاله

لا خيفة، بل هيبة ... وصيانة لجماله

وأصدّ عنه تجلداً ... وأَروم طيف خياله

فيقال من العجائب أن المعنى الذى أمر الله به فى كتابه وأَثنى به على خاصة عباده وأقربهم إليه- وهم أنبياؤه ورسله وملائكته- يُجعل ناقصاً من منازل العوام، ويعمد إلى معنى لم يذكره الله ولا رسوله، ولا علق به على المدح والثناءِ فى موضع واحد. فيجعل هو الكمال، وهو للخواص من العباد.

فأين فى القرآن والسنة ذكر الهيبة [والأمر بها ووصف خاصته بها؟ ونحن لا ننكرر أن الهيبة] من لوازم الإيمان وموجباته، ولكن المنكر أن يكون الوصف الذى وصف به أنبياءَه وملائكته ناقصاً والوصف الذى لم يذكره هو الكامل التام، وهذا المعنى المعبر عنه بالهيبة حق، ولكن لم تجيء العبارة عنه فى القرآن والسُّنَّة بلفظ الهيبة، وإنما جاءت بلفظ الإجلال، كقول النبى صلى الله عليه وسلم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015