الشرعية، إذ المقدمات الأولية للأقيسة الشرعية ليست كذلك، فمع كونها في بعض الأحيان عمومات وكليات، لكنها لم تثبت بالاستقراء، وإنما بحكم الشارع، فمثلا القياس الآتي:
كل مسكر خمر ... مقدمة صغرى
كل خمر حرام ... مقدمة كبرى
إذًا فكل مسكر حرام ... النتيجة
إذ انظرنا في التعميمين: كل مسكر خمر وكل خمر حرام، نجد أن الشارع هو الذي سمى كل مسكر خمرا، وهو الذي حكم على كل خمر بالحرمة. (?)
الثاني: وهي الحالة التي يحتاج فيها الاستقراء إلى القياسي، الذي يأتي ليبني على ما وصل إليه الاستقراء، وليكمل مسيرته ليصل بالنتائج إلى مرحلة أكثر تقدُّمًا من حيث قوة الصدق واليقين. (?) وسيأتي مزيد بيان لهذا عند الحديث عن الفرق بين الاستقراء والتجربة.
العلاقة بين الاستقراء والتواتر:
ينطلق التواتر -كما هو الشأن في الاستقراء- من مصادرة تمثِّل تصديقًا أوليًّا مفاده امتناع تواطؤ عدد كبير من الناس على الكذب، وهو شبيه بما ينطلق منه الاستقراء من كون الإتفاق لا يكون دائمًا ولا مطردا. وهذا التصديق الذي ينطلق منه الإستدلال بالتواتر -باعتباره صرفة عقلية قبلية- هو في الحقيقة تصديق استقرائي وليس تصديقًا عقليًّا أوليّا. ومن هنا يتبين أن القضية المتواترة في الحقيقة ليست إلَّا قضية استقرائية تقوم على أساس المناهج الإستقرائية في الإستدلال. (?)